الجمعة , سبتمبر 29 2023
الرئيسية / اراء / انقلاب السحر على الساحر..

انقلاب السحر على الساحر..

د.عدي صوالحة
صمود الاقتصاد الروسي أمام موجة العقوبات الغربية بدأ يجني ثماره اليوم، حيث راهن الغرب على انكسار روسيا وخضوعها، إلا أننا الآن نرى السحر ينقلب على الساحر والدول الأوروبية تحت رحمة الكرملين بسلاحه الأكثر تأثيرا في معركة النفوذ السياسي والاقتصادي.
ألمانيا كانت من أولى الدول التي تهافتت على فرض العقوبات على روسيا مدفوعة من بقية دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وجرت الرياح بما لا يشتهي الغرب، حيث كانت التوقعات بانهيار الاقتصاد الروسي وإجبار موسكو على الدخول في مفاوضات أو تراجع روسيا عن عمليتها العسكرية، إلا أن صمود الاقتصاد الروسي اليوم، وتحقيق روسيا تقدم في الجبهات القتالية في شرق أوكرانيا أصبح دليلا على فشل السياسيات الغربية باحتواء الأزمة في أوكرانيا وبدلا من تهدئة النفوس أخذوا يسكبون البنزين على النار.
سلاح العقوبات الغربية الذي استخدمته الدول الغربية ضد روسيا ذو حدين، حيث يعاني من هذه الأزمة اليوم الاقتصاد العالمي، وبالأخض الدول التي باشرت بفرض عقوبات، وكان لألمانيا منها النصيب الأكبر، تلك الدولة التي تعتمد على موارد الطاقة الروسية بشكل كبير، ومع كل محاولاتها بالابتعاد عن سوق الطاقة الروسية إلا أن ألمانيا اليوم مكبلة ولم تستطع إحراز أي تقدم يذكر في إيجاد بديل لشريكها الاستراتيجي في مجال الطاقة.
فمنذ بداية الحرب في أوكرانيا أوقفت ألمانيا مشروع الغاز “السيل الشمالي -2” وبدأت تتوجه لإيجاد حلول وبدائل أخرى كما فعلت بقية الدول المعتمدة على الغاز الروسي، ما أدى لارتفاع الطلب على الغاز المسال، وناهيك عن عدم توفر بنية تحتية مناسبة، والتي تستغرق الوقت والكثير من المال لتجهيزها، كل هذه العوامل أدت لارتفاع المنافسة حتى بين الحلفاء على تأمين الاحتيجات الكافية من الغاز. وشاهدنا الدعوات في أوروبا لتخفيض استهلاك الطاقة والكهرباء وإزالة الأضواء من أشهر معالم العواصم الأوروبية.
الاقتصاد الألماني الذي يعتمد على الصناعات شهد تراجعا في مستويات الإنتاج وخسارات فادحة مع خروج الشركات الألمانية من السوق الروسية، وما زاد الطينة بلة لألمانيا إعلان شركة “غازبروم” الروسية وقف عمل اثنين من التوربينات في خط أنابيب “السيل الشمالي -1” بسبب أعمال صيانة حسب تصريحات الشركة. ما وضع ألمانيا في موقف حرج بالتزامن مع ارتفاع أصوات في الشارع الألماني تنادي بتوريد الغاز الروسي عبر “السيل الشمالي-2” الذي علّقت برلين تشغيله بموجب العقوبات.
اليوم نرى موقف برلين ضعيفا أمام موسكو التي تمسك بمفاتيح أنابيب الغاز وقد تضطر ألمانيا لتغيير موقفها من أوكرانيا حيث أن برلين لن تغامر بالتخلي عن الغاز الروسي من أجل دعمها لأوكرانيا تجنبا لاضطرابات داخلية خصوصا أنها مقبلة على فصل الشتاء دون وجود بدائل للغاز الروسي، فأصبحت ألمانيا اليوم بين فكي الدب الروسي وتحت رحمة الكرملين.

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ذكرى المولد النبوي وحال الأمة!

د. طارق ليساوي* يحتفل المسلمون في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام …