الجمعة , مارس 29 2024
الرئيسية / اراء / لماذا تلهث امريكا وراء إيران وروسيا وما علاقة شتاء أوربا القارس؟

لماذا تلهث امريكا وراء إيران وروسيا وما علاقة شتاء أوربا القارس؟

فاطمة عواد الجبوري*
يوما بعد يوم تترسم معالم جديدة على الساحة الدولية تظهر الأفول الحاصل في قوة الولايات المتحدة على مستوى العالم وتكشف للعالم أجمع الصورة الحقيقية لقوة عظمى عاثت في بلدان العالم الثالث فساداً على مدار عقود. كما يدفعنا مصطلح العالم الثالث إلى التساؤل: هل نحن عالم ثالث حقاً؟؟ أم هم من حولنا إلى دول متقاتلة وأرادوا لنا أن نبقى كذلك؟؟
هذه الأيام تشهد بعض وسائل الإعلام التابعة للقوى الداعمة للولايات المتحدة نشوة التراجع الروسي في أوكرانيا ويتناسون بشكل كامل بأن هذا التراجع جاء بعد ستة أشهر من الانتصارات كما يتناسى هؤلاء مليارات الدولارات من الأسلحة والعتاد التي ينفقها الأوربيون على هذه الحرب ويزيدون من حطبها بدلاً من إخمادها.
عملت الولايات المتحدة وبكل وضوح على تأجيج الحرب هناك وذلك في عملية استنزاف للجيش الروسي ولزيادة أعباء تكاليف الحرب على الاتحاد الأوربي الذي دفعته هذه الحرب إلى إعادة مفاهيم التبعية للولايات المتحدة بشكل أو بآخر. ولكن النتائج السلبية وراء هذه الجهود ستكون مدمرة وكارثية على هؤلاء.
فأولاً: ينتظر أوربا شتاءً قارساً لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية. فيمكن القول بأن جميع إدعاءات الاتحاد الأوربي حول عمليات تقنين وعمليات تأمين احتياطات للطاقة تكفي أوربا هذا الشتاء هي إدعاءات كاذبة وواهية، وواقع الحال يشير إلى عكس ذلك تماماً. فأوربا تعتمد بشكل أساسي ومحوري على مصادر الطاقة الروسية وخصوصا الغاز وهي اليوم تعاني من نقص في الطاقة يقدر بأكثر من 80%. والمهم أكثر من هذا وذاك هو أنهم وبإصرار الولايات المتحدة على مطالبها غير المعقولة وعدم تحليها بالواقعية السياسية فهم يخسرون كذلك مصادر الطاقة الإيرانية التي كان من الممكن أن توفر لأورربا الغاز الطبيعي المسال بالإضافة إلى عدد كبير من براميل النفط تخزنها إيران في البحر وقد بلغ حجم هذا النفط المخزن أكثر من 80 مليون برميل وفي روايات أخرى أكثر من 120 مليون برميل، فضلا عن الإنتاج اليومي الذي من المحتمل أن يصل إلى 3.8 مليون برميل يومياً.
ثانياً: بدلاً من انفاق هذه المليارات من الدولارات على تأجيج الصراع في أوكرانيا كان لا بد على الغرب مساعدة شعوبهم في تأمين متطلبات الحياة بعد موجة التضخم التي تضرب بلدان أوربا وأمريكا وبريطانيا. إلا أنهم يصرون على انتصارات وهمية ويدفعون لقاء هذه الانتصارات مليارات الدولارات.
ثالثاً: ما فعله التدخل الأمريكي الغربي في الحرب الأوكرانية هو عزز الشعور لدى المعسكر الشرقي بضرورة تفعيل هذا المعسكر وتحكيم روابط دوله. ولذلك فإننا نجد تحالف مثير للرعب بين كل من روسيا والصين وإيران. وقد كلل هذا التحالف بنجاح عسكري من خلال شراء روسيا لطائرات إيرانية بدون طيار كما كللت بنجاح دبلوماسي من خلال عقد قمة شنغهاي وحصول إيران على العضوية الكاملة فيها مما سيفتح المجال واسعاً أمام دول آسيا نحو تفعيل التجارة المشتركة وتفعيل خطة الصين التجارية المسماة “طريق الحرير”.
من جهة أخرى، رئيسي صرّح قبل مغادرته إلى نيويورك لحضور الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه لن يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن هناك. إن هذا التصريح له دلالات عديدة تدركها طهران اليوم وهي بأن الولايات المتحدة هي اليوم محتاجة لإيران وليس العكس. ولكن وعلى الضفة الأخرى فإن اصطحاب الرئيس الإيراني للسيد باقري كني المسؤول عن المفاوضات مع القوى العظمى قد يوحي بأنّ هناك احتمالية لمرونة إيرانية في الملف النووي. وفي هذا السياق أرسلت منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب رسالة إلى جو بايدن شارك في كتباتها شخصيات عالمية هامة تؤكد هذه الرسالة على أن هناك فرصة حقيقية للسلام مع إيران وعلى الولايات المتحدة استغلالها من خلال تواجد رئيسي في الأمم المتحدة.
أختم بالقول: تغيرت التحالفات وتغيرت موازين القوى ويبدو بأننا نتجه اليوم إلى عالم متعدد الأقطاب ويبدو كذلك بأن الهيمنة الأمريكية إلى زوال. الكرة اليوم في ملعب الولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن وعليهم استغلالها من خلال عدم تسيس اجتماعات الأمم المتحدة وتقديم الاحترام الكامل للوفد الإيراني. وبالطبع سينعكس هذا بشكل إيجابي على الملف النووي وملفات أخرى لإيران اليد الطولى فيها. وأما بالنسبة للحرب في أوكرانيا فعلى ما يبدو بأن روسيا تعد لعمليات جديدة تستخدم ضمنها الطائرات الإيرانية المتطورة والفاعلة بشكل مرعب بحسب مقال لوول ستريت جورنال، ولذلك فعلى الغرب بدلا من انفاق مليارات الدولارات في تأجيج الحرب عليهم أن يفكروا في تأمين مصادر الطاقة وإيقاف هذه الحرب التي ستقضي على اقتصادهم عما قريب. والأيام بيننا كما يقول أستاذنا عبد الباري عطوان.
*كاتبة وباحثة عراقية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ماذا جنينا من السلام مع إسرائيل؟!

المهندس. سليم البطاينة! ذات يوم سُئل الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) عن اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية …