السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / أخبار / تحليل..معركة طوفان الأقصى التاريخية معاني وحقائق!

تحليل..معركة طوفان الأقصى التاريخية معاني وحقائق!

د. ماهر الطاهر*
دخلت ملحمة طوفان الأقصى اليوم شهرها الثالث، أذهلت العالم كله وأذهلت البشرية بأسرها شعوبا وحكومات، وكانت مفاجئة بقوة انطلاقتها وما حققته من صدمة مروعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الاستعمارية. إلا أن الأبعاد والنتائج المترتبة عليها ستكون على جانب أعظم من المفاجأة التي حصلت يوم 7 من أكتوبر.
معركة وجود وصفحة مجد في تاريخ الشعب الفلسطيني والأمة العربية، جسدت ورسمت مشهد أسطوري من جانبين:
الأول: بطولات استثنائية لشعب يكافح بكل صلابة منذ قرن من الزمان، تعرض لأبشع المخططات والمؤامرات الاستعمارية التي شردته في كل أصقاع الأرض، والذي تعرض لمجازر متتالية عبر العقود الماضية، ومجازر غزة اليوم ليست رد فعل على طوفان الأقصى، بل هي امتداد وتتويج لمجازر سابقة اقترفتها الصهيونية على مرأى ومسمع من العالم أجمع، لكن شعبنا شعب التضحيات والشهداء لم يركع ولم يستسلم واستمر بالصمود والمقاومة جيلا بعد جيل، وكل جيل جديد كان أشد مراساً من الجيل الذي سبقه، وهذا ما وضع المشروع الصهيوني أمام مأزق وجودي حقيقي، لأنه كان يتوهم ويقول: بأن الكبار سيموتون والصغار سينسون وكان يقول بأنه جاء لأرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، فماذا كانت النتيجة؟.
لقد وصل اليوم إلى نتيجة بأنه يواجه شعب يمتلك من الشجاعة والكرامة والشموخ والصبر ما لا يتحمله بشر، مات الكبار فيه، وهذه هي سنة الحياة، ولكن الصغار لم ينسوا وفاجأته الأجيال الجديدة بما لم يكن يتوقعه واكتشف أن الأرض التي احتلها بمؤامرة استعمارية ليست أرضا بلا شعب، بل وجد فيها شعب الجبارين وشعب المفاجآت، شعب متمسك بشكل أزلي بأرضه وترابه، ومصمم على تحرير هذه الأرض من بحرها إلى نهرها، لأنه يؤمن بشكل مطلق بأن لا شرعية لوجود هذا الكيان الوظيفي الاستعماري على أرض فلسطين.
– أما الجانب الثاني من المشهد الذي أظهرته معركة طوفان الأقصى، أنها كانت كاشفة للعورات، وكاشفة لكثير من الحقائق التي أصبحت حقائق ساطعة شاهدها العالم كله، ومن أهم هذه الحقائق: 1- أظهرت هذه الملحمة أن لا وجود لقانون دولي وشرعية دولية نظرا للاحتقار التام الذي واجه به الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية العالم كله، واتضح بشكل لا لبس فيه أن القانون السائد في هذا العالم هو قانون شريعة الغاب وقانون الأقوى، وهذه حقيقة أظهرتها بوضوح تام دماء أطفال غزة ونسائها وشيوخها وشبابها، وتدمير قطاع غزة وهدم البيوت والمساجد والكنائس والمستشفيات، وهذه حقيقة سيكون لها آثارها الاستراتيجية في العالم أجمع في المرحلة القادمة.
– وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تشوه الحقائق، وتدعم الرواية الصهيونية، وهذا يذكرنا بأنه عندما شُنت الحرب الكونية على سوريا، كانت وسائل الإعلام الغربية والأميركية وبعض وسائل الإعلام العربية قد كشرت عن أنيابها للقضاء على سوريا وتدميرها ودخلت مجموعات إرهابية من 88 دولة وصرفت مبالغ تجاوزت 137 مليار دولار لسحق سوريا، لكنها لم تنجح، وكما فشلت المخططات التي استهدفت سوريا، ستفشل مخططات إبادة الشعب الفلسطيني والقضاء على مقاومته الباسلة.
2- أظهرت معركة طوفان الأقصى أن الكيان الصهيوني وجيشه الذي ادعو بأنه لا يقهر أكذوبة كبرى، يمكن دحرها وقهرها وأن تحرير فلسطين إمكانية واقعية قابلة للتحقيق، وهذه حقيقة أكدتها الوقائع منذ أن تم تحرير جنوب لبنان عام 2000 دون قيد أو شرط، ومنذ انتصار تموز عام 2006، وحروب غزة المتواصلة، والتي توجت بمعركة طوفان الأقصى التي أكدت هشاشة الجيش الصهيوني وإمكانية قهره وإلحاق الهزيمة به.
– قطاع غزة محاصر منذ 18 عام 6 كيلو ب 6 كيلو، بقعة أرض صغيرة 360 كم2 لا يدخله أي إمدادات ويتمكن من خوض حرب أسطورية دخلت شهرها الثالث.
فيتنام، حققت انتصار عظيم ولكن كان لديها خطوط إمداد من الصين وروسيا والعديد من دول العالم – سلاح وذخائر غذاء، مساعدات.
-غزة المحاصرة صنعت معجزة تاريخية بكل معنى الكلمة بدون أي امدادات، صمدت وقاتلت، ولا زالت تقاتل وستستمر في القتال، والضفة الفلسطينية والقدس تخوض معركة بطولية وتقدم الشهداء يوما بعد يوم.
– لأول مرة في تاريخ الصراع، تمكن الشعب الفلسطيني بأن يكون لديه قاعدة فيها بعض السلاح والإمكانيات العسكرية المتواضعة، مقارنة بما يملكه جيش الاحتلال من أحدث أسلحة القتل والدمار، وعندما توفرت لشعبنا هذه القاعدة صنع شعبنا المعجزات، وبرهن أنه من الممكن هزيمة هذا الكيان وتمريغ أنف جيشه بالتراب.
– لا نريد من الدول العربية إدخال جيوشها، ولكن ألا يحق للشعب الفلسطيني أن يحصل على دعم من الدول العربية وإسناد وهو كفيل بمواجهة هذا الكيان المدجج بكل أنواع السلاح، وإلى متى ستستمر مواقف النظام الرسمي العربي بالتفرج على ما يجري من مذابح.
3- أظهرت معركة طوفان الأقصى أن العدو الأول للشعب الفلسطيني والأمة العربية هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود المعركة وأعطت الكيان الإسرائيلي الرخصة الكاملة لممارسة حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، وأرسلت أساطيلها وحاملات طائراتها وجنودها وحضر قادتها اجتماعات مجلس الحرب الصهيوني، لأنه لم يعد لديهم ثقة بأن قادة الكيان يستطيعون إدارة المعركة، واتضح تماما أن الكيان الإسرائيلي ليس إلا دمية و كيان وظيفي له وظائف لصالح الإمبريالية والدول الاستعمارية التي تستهدف السيطرة على الوطن العربي ونهب ثرواته ومقدراته، وعرقلة تقدمه ووحدته.
4- كشفت معركة طوفان الأقصى للرأي العام العالمي حقيقة الكيان الصهيوني وحقده وإجرامه ككيان فاشي – نازي لا يخوض حربا، بل يقترف جرائم حرب، ولم يتمكن من تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي ولذلك لجأ إلى قتل المدنيين والأطفال والنساء وتدمير كل شيء في قطاع غزة. وكان من نتائج ذلك التحولات التي نشهدها على صعيد الرأي العام العالمي في أمريكا وبريطانيا وألمانيا وجيل الشباب في أمريكا بغالبيتهم باتوا يؤيدون الشعب الفلسطيني، وقامت مظاهرات كبرى في العواصم الغربية وفي الولايات المتحدة وهذا سيكون له انعكاسات على مستقبل كفاح الشعب الفلسطيني.
5- لا شك أن الوضع خطير على أرض فلسطين في ضوء استمرار وتصعيد العدوان، وبات واضحا أن الهدف الحقيقي للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية هو تهجير وترحيل أهلنا من قطاع غزة وبعد ذلك من الضفة ومن الأراضي المحتلة عام 1948.
– وهناك ما سمي بمبادرة قدمها أعضاء في الكونغرس الأمريكي تتحدث عن تهجير طوعي وليس قسري إلى مصر وبلدان عربية أخرى، والمخطط هو تدمير قطاع غزة وجعله مكانا غير صالح للحياة، ويشترطون تقديم المساعدات لدول عربية بموافقتها على قبول لاجئين من القطاع، والسماح للناس في المغادرة، ولكننا نقول هذه المخططات لن تنجح، وسيكتشف قادة جيش الاحتلال أن غزة سوف تستمر بالصمود والمقاومة، ستواصل القتال وإيقاع المزيد من الخسائر في صفوف العدو الذي سيضطر في نهاية المطاف إلى إدراك أن مخططاته ستبوء بالفشل.
6- إن الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية وأدواتهم يرسمون سيناريوهات ومخططات لمستقبل الوضع في قطاع غزة والضفة الفلسطينية والقدس ويستهدفون تصفية القضية الفلسطينية تحت ستار وخدعة ما يسمى بحل الدولتين، والذي لم يكن أكثر من عملية تضليل وخداع خلال العقود الماضية، وهذا التضليل والخداع لا زال مستمرا حتى اليوم وسيستمر في المستقبل، ولذلك فإننا ندعو ولكي نحمي الانتصار الذي تحقق يوم 7 أكتوبر ونصونه ونبني عليه، ندعو لتشكيل قيادة طوارئ وطنية فلسطينية موحدة لخوض المعركة العسكرية والسياسية في المرحلة القادمة وفق برنامج سياسي كفاحي مقاوم لصون إنجازات وتضحيات شعبنا والدماء الزكية التي سالت على أرض فلسطين، ولإسقاط أي محاولات تستهدف إجهاض الانتصار وتبديد نتائجه، لأن ما جرى يوم 7 أكتوبر سيكون له انعكاسات ونتائج استراتيجية عميقة على جميع المستويات الفلسطينية والعربية والدولية وداخل المجتمع الصهيوني ومواجهة أية محاولات ومخططات تريد أن تحقق سياسيا ما عجزت عن تحقيقه عسكريا نتيجة صمود شعبنا وتضحياته الجسيمة.
وفي الختام، فإن رسالة شعبنا على أرض قطاع غزة العزة وفي الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، وفي كل مواقع اللجوء والشتات. هذه الرسالة تقول لقادة الإرهاب الصهيوني تستطيعون أن تقتلوا أطفالنا ونساءنا، تستطيعون تدمير مساجدنا وكنائسنا، وتستطيعون هدم البيوت على رؤوس ساكنيها، تستطيعون تدمير مستشفياتنا وتستطيعون أن لا تبقو حجرا على حجر ولكنكم لا تستطيعوا ولا يمكن أن تستطيعوا أن تدمروا فينا إرادة القتال، وإرادة الحياة، وإرادة المقاومة.
*مسؤول العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
نائب الأمين العام للمؤتمر القومي العربي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

الاعلام الدولي : عملية اليمن في “تل ابيب” أهانت “اسرائيل” وأعادت لـ”يافا” اسمها الحقيقي

اليمن الحر الاخباري/متابعات على مدار الايام الماضية طغت عملية القوات المسلحة اليمنية التي ضربت قلب …