السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / أخبار / تحليل..الرهانات الصعبة في المنطقة!

تحليل..الرهانات الصعبة في المنطقة!

 

بقلم/ فيصل مكرم*

لن يهدأ له بال ولن يطمئن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو إلى مستقبله السياسي وتحقيق حلمه بهزيمة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين دون مقابل ما لم ينجح في إشعال حرب إقليمية تدفع بالرئيس الأمريكي جو بايدن وواشنطن إلى التورط مباشرة فيها، وبالتالي أقدم نتنياهو على توجيه ضربة موجعة ومؤلمة لإيران بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل عدد من القادة الإيرانيين من العيار الثقيل. وهذه الغارة وضعت طهران أمام تحدٍّ واختبار كبيرين حيث يتوجب عليها الرد الذي يُفتَرَض -وفقًا لتهديدات القادة الإيرانيين- أن يكون موجِعًا لإسرائيل وفي الوقت نفسه يتوجب عليهم توخي أعلى درجات الحذر من طبيعة الرد الإسرائيلي على انتقامهم، وعدم القيام بعمليات انتقامية ضد تل أبيب قد تحقق رغبة نتنياهو بجر واشنطن لمواجهة مباشرة مع إيران بحجة الدفاع عن إسرائيل، وتفعيل قوة الردع الأمريكي في المنطقة. وبالرغم من أن واشنطن لم تدن الهجوم على قنصلية إيران في دمشق بشكل صريح، وإن كانت وصفته بالعمل الخاطئ، إلا أنها سارعت إلى توجيه رسائل تحذيرية لطهران، وتفعيل النشاط الدبلوماسي الغربي لجهة إقناعها بعدم التصعيد، والتخفيف من تهديداتها بعمل انتقامي «مزلزل» لتدفع إسرائيل ثمن ما ارتكبه نتنياهو من أعمال عدوانية على مصالحها في المنطقة، ما يشكل تصعيدًا للحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة التي دخلت شهرها السادس ولم تحقق أهدافها المعلنة لتتحول إلى صراع إقليمي لا تُحمد عواقبه.

وتُجمع التوقعات في واشنطن وإسرائيل وفي المنطقة والعالم بأن الرد الإيراني محتوم ولا شك في وقوعه  غير أنه من المؤكد بأن الرد الإيراني لن يَرقَى إلى مستوى قد يَفرض على واشنطن والرئيس بايدن التدخل المباشر عسكريًا للدفاع عن إسرائيل الذي لا تتمنى واشنطن حدوثه في الظروف الراهنة رغم خلاف الرئيس بايدن مع نتنياهو وعدم التزام الأخير بتحذيرات بايدن بعدم المضي في مخططاته الكارثية في غزة وعدم الهجوم على مدينة رفح، وفتح المزيد من المعابر لإدخال المساعدات الكافية للفلسطينيين الذين يعانون أصلًا من أهوال جرائم الاحتلال بحق سكان غزة وبحق الإنسانية وارتكاب مجازر إبادة جماعية في القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي  كما أن نتنياهو لم يلتزم بتحذيرات بايدن بعدم تصعيد وتوسيع الصراع والحرب في المنطقة خاصة في مثل هذا التوقيت الذي يرتبط بالانتخابات الأمريكية التي تفرض محاذيرها على الرئيس بايدن وإدارته الديمقراطية الكثير من الحسابات والخيارات التي قد تستنزف رصيد الديمقراطيين بين جمهور الناخبين وفي مقدمتها عدم الزج بالجيش الأمريكي في حرب إقليمية لا يرغب فيها غالبية الأمريكيين خاصة وأن مواقف واشنطن الداعمة لإسرائيل وما ترتكبه من فضائع في غزة انعكست بصورة سلبية في تناقص أصوات الناخبين المؤيدين لبايدن وللحزب الديمقراطي بشكل ملفت في استطلاعات الرأي الأخيرة، وهو ما يثير قلق الرئيس بايدن لجهة دوافع نتنياهو في إحراجه وعدم الانصياع إلى ما يطلبه منه والتمرد على ما يقترحه ويحذر منه وكأنه يدفع به دفعًا للتورط في صراع إقليمي في الشرق الأوسط قد يستحيل العمل على احتوائه وقد يفقد بايدن الفوز بفترة ثانية خلف المكتب البيضاوي.

وأمام المغامرات الشيطانية التي يستمر في خوضها نتنياهو وحكومة الاحتلال تراهن واشنطن على ضغوطها وضغوط الدول الغربية على طهران بضبط إيقاع تهديداتها وعدم القيام بعمل عسكري انتقامي يجرها إلى مواجهة معها، وإن كان ولا بد من الرد فليكن في حدود يمكن احتواء عواقبه خاصة أن طهران لها مخاوفها من عواقب المواجهة المباشرة مع إسرائيل وواشنطن قد يجعلها عرضة لخسائر في بنيتها الأساسية في الداخل الإيراني وخاصة فيما يتعلق بمشروعها النووي والصناعات البتروكيماوية وغيرهما  فهل نشهد خلال الأيام القادمة نجاحًا للضغوط الدبلوماسية الغربية في ضبط المواجهة بين طهران وتل أبيب؟. مع تحرك أمريكي فاعل لمنع إسرائيل من اجتياح رفح ووقف النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية والعودة للمفاوضات التي تضمن إنهاء الحرب ووقف جرائم الإبادة وعودة النازحين في غزة وتبادل إطلاق الأسرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أم إن قادم الأيام يخبئ لنا ما هو أسوأ من كل التوقعات الكارثية؟.
*نقلا عن جريدة الراية

fmukaram@gmail.com
@fmukaram

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …