عدنان نصار*
في الوقت الذي تعاقر فيه “سارة نتنياهو” زجاجات الشمبانيا، و”يائير نتنياهو” يمضي وقته في نوادي الليل في ميامي.. في الوقت الذي تعب فيه يخوت أثرياء عرب ومسلمين مياه البحار والمحيطات ، ويتبادل ساسة عرب أقداح السمر والسهر على وقع اخبار الدم الفلسطيني المراق، وعلى أنين امعدة اطفال جياع، ونساء مكلومة، ورجال يحملون أوجاعهم على اكتافهم.. وفي وقت تتجلى فيه معجزة إلهية وإستاد رباني، ليحمل الجريح على كتفه شهيد، وتحتضن طفلة أخيها المحترق من فرط البكاء.. وتودع الأم شريانها التاجي (أبناءها الشهداء) في إحتفائية بكائية مهيبة.. لتبريد نار المصيبة، عند هذا وأكثر يقف الضمير السياسي عربيا كان أم عالميا في المنطقة الرمادية، عاجز عن إحداث أي حركة لإيقاظ الضمير الغافي لإنقاذ الإنسانية والدم المراق في غزة، ما امكن .. ووقف هول الفاجعة والعدوان الصهيوني المنحط المستمر منذ قرابة 270 يوما.
لقد سمع الأموات، صوت استغاثة غزة وأهلها، وسمع الراقدين تحت التراب انين اطفال غزة، وإستغاثات النساء أملا بالإستجابة (واعرباه).. غير ان الأحياء الذين سمعوا أصوات الاستغاثة ، لكأن الأمر لا يعنيهم ، واقصد على المستوى الرسمي العربي، المكتفي بالإدانات والإستنكار دون اي فعل حقيقي مؤثر على الأرض.. لم يحرك الأحياء ساكنا، رغم انه الأوجب عليهم أن يلبوا النداء ..!! لكن؟
غزة التي تموت جوعا، كل ساعة، ونزوحا جديدا كل يوم، وجرحى يحملون شهداء على اكتافهم، وثكالى يبحثن عن اطفالهن تحت الردم وركام العدوان الهمجي ..اصبحت تعيش طوفان آخر غير طوفان الاقصى الذي حدث في السابع من أكتوبر الماضي.. طوفان زرع في قلوب الأطفال والشبان الصغار جيلا أخر من المقاتلين والمناضلين الاشاوس، في ظل ارتفاع منسوب الدم البريء المراق في غزة وطرقاتها ، فالعدوان الغادر عزز انتزاع “السلام المزعوم” من نفوس جيل بأكمله، الذين سيصبحون ولو بعد حين مناضلين جدد ، على الصعيدين الوطني والشخصي الراغب برد الصاع صاعين للعدو الاسرائيلي الذي نكل بابناء القطاع.!
ارتفع صوت الاستغاثة، ولا معين ..على الرغم من كل الضغوطات الخارجية ، وداخل المجتمع الاسرائيلي ، يصر نتنياهو على استمرار القتل للابرياء، متنمردا على كل القيم الدولية، ومتمردا على أصوات العالم التي تنادي بوقف الهمجية الصهيونية ..حتى الموقف الغربي الرسمي بات هشا.. فيما يعاني الموقف العربي الرسمي من الغياب والاكتفاء بدور المناشد وبعضهم متفرج.!!
أكثر من 40 الف شهيد في غزة، وأرواح الشهداء تحت الثرى تنتفض من جديد ..فهم قدموا ولم يبخلوا، وتركوا خلفهم الصغار، كان من حقهم ان يكبروا وهم متكئين على أكتاف أباءهم، واطفال من حقهم ان تمسد على جباههم امهاتهم.. وصغار من حقهم بناء الحلم وهم يرسمونه على أكف “خواتهم البنات”.. من حق غزة ان تحيا.. وحق علينا إسنادهم بكل اللغات والأدوات.!!
ان أمر المجاعة في غزة، بيد “جماعة” خارجة على القانون، ولا تعرف مطلقا الإنسانية، وهي “جماعة” أقل ما يقال عنها أنها مجرمة بإمتياز، على مرأى ومسمع العالم الرسمي بشقيه الغربي والعربي دون احداث أي حراك او فعل يوقف هذا الإجرام المنحط.
ما تقرره الشرائع والأديان والقيم والمباديء والعقائد..هو إنعكاس لقيم الضمير الإنساني بكل معتقداته ودياناته.. وإلا ما معنى (الصلاة) بكل الأديان وانت تقتل.. ما قيمة (الصلاة) بكل المعتقدات وانت تفرض التجويع والتعطيش.. ما معنى (الصلاة) بأي إتجاه وبأي طريقة، وانت تسعى لمنع الهواء عن رئة خلق الله.. ثم بعد كل هذا القتل والتجويع والنزوح والتدمير، وعواصم الغرب العظمى صامتة، وعواصم العرب متخمة، وتكرشت حتى وصل القيء الحنجرة .. ماذا نقول لله يوم الموقف العظيم .؟!!
*كاتب وصحفي اردني..