د. احمد القطامين*
شكل السابع من اكتوبر وعملية طوفان الاقصى نقطة تجميع وتوزيع فعالة لكل انواع التطورات الهائلة التي تشهدها المنطقة العربية وفي قلبها فلسطين. لقد اصبحت تداعيات عملية طوفان الاقصى النقطة المحورية التي تتفاعل حولها كل التطورات والاحداث على مستوى الاقليم الملتهب والعالم المرتبك.
على مستوى الكيان تتداخل مجموعة من الاعتبارات الشخصية لنتنياهووالسياسية لتوليفة الحكم والايدولوجية لقوى اليمين المتطرف لتتحكم مجتمعة في مسار ما يجري وتعمل على صد اية محاولة عقلانية للتعامل مع الاحداث الكبرى التي تعصف وجوديا بمستقبل الكيان وتدفع بالقوى الخشنة كالجيش الى ارتكاب جرائم ابادة جماعية في غزة والضفة ولبنان على مرأى العالم المشدوة الذي يقف عاجزا عن فعل اي شئ لوقف عمليات القتل العلني المباشر للمدنيين وتدمير البنى التحتية ومعالم الحياة المعاصرة. ان خلاصة الحديث على هذا المستوى ان المخرج الوحيد المتاح واقعيا لانقاذ الكيان من الانهيار التام هو الحرب الاقليمية الشاملة التي تستدعى اليها كل القوى المحلية والاقليمية والدولية، فمن وجهة نظر نتنياهو والمتطرفين في حكومته ان الحرب الاقليمية هي افضل الاسوأ من بين الخيارات الاستراتيجية المحدودة التي تتيحها وتتحكم في مفاصلها الاساسية التداعيات الاستراتيجية الناتجة عن عملية طوفان الاقصى.
اما على المستوى الاقليمي العربي، فلا احد يأبه بهذا البعد في الاقليم حيث ينعدم التأثير العربي في الاحداث بصورة عجيبة ما عدا بعض المساهمات المتواضعة في اطار المساعدات الانسانية او القيام بدور الوسيط قليل القدرة على التأثير بين حماس والكيان، ما عدا ذلك ينعدم اي دور عربي ايجابي لصالح الفلسطينيين ، وسيصنف التاريخ هذه الحالة على انها الاسوأ في تاريخ الامة الممتد عبر التاريخ.
اما على المستوى الاقليميى غير العربي، فقد وجدت ايران التي تتزعم محور المقاومة في المنطقة، وجدت نفسها في اتون احداث لم تكن مستعدة للتعامل معها بعد سنين طويلة من الحصار الامريكي والعقوبات التي عملت على انهاك الاقتصاد الايراني فجاءت احداث السابع من اكتوبر لتختبر الموقف الايراني بقسوة وتكشف الكثير من الاشكاليات الخاصة بهذا الدور. فبينما تتمتع ايران بصناعة عسكرية صاروخية وتكنولوجية عالية في المقاييس العالمية الا انها تعاني من مشاكل اقتصادية وعسكرية خاصة فيما يتعلق بسلاح الجو، ويقال ان تردد ايران في الرد على الاهانات الصهيونية الموجهة اليها عائد بشكل اساسي الى تلقي نصائح من روسيا والصين لتأجيل الرد العسكري على تصرفات الكيان لحين ترتيب الاوضاع االخاصة بالدفاعات الجوية ومخزون الطائرات الحربية لديها.
لكن المشكلة تكمن في ان الكيان يعلم ذلك ويسعى بقوة باتجاه جر الجميع بما فيهم ايران لحرب اقليمية واسعة تؤدي من وجهة نظرهم الى تدمير المشروع النووي الايراني والحاق هزيمة كبرى بمحور المقاومة في المنطقة ومن الواضح ان الكيان وجد المدخل المناسب من خلال الشروع باعتداءات وحشية مدمرة على حزب الله في لبنان وذلك لجر ايران للتدخل لصالح حزب الله.
على اية حال، الايام القليلة القادمة ستلقي الكثير من الاضواء على الصورة التي ستتطور من خلالها الاحداث.
*أكاديمي وكاتب اردني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …