د. محمد أبو بكر*
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ؛ شهد الناس ظروفا صعبة جدا ، فالدولة الإسلامية تعرّضت للإبتلاء أو ما يسمّى عام الرمادة ، فضربت الناس مجاعة شديدة ، فكانوا لا يجدون اللقمة ، تماما كما يحدث اليوم في قطاع غزة ، حيث حرب التجويع التي يشارك فيها عربان الردّة مع أشقائهم الصهاينة والأمريكان المجرمين .
استنجد الخليفة عمر طالبا الغوث ، فأرسل له عمرو بن العاص من مصر ، قافلة أولها عند عمر بن الخطاب وآخرها عند عمرو بن العاص ، هذه مصر أيّام زمان ، ثمّ قام بإرسال حمولة عشرين سفينة بالدقيق وخمسة آلاف كسوة من الملابس المختلفة ، في حين أرسل أبو عبيدة عامر بن الجراح ( أبو عبيدة .. ما أجمل هذا الإسم ) أرسل أربع آلاف راحلة تحمل أصنافا من الطعام .
هكذا كان العرب في ذلك الوقت ، فالغوث جاء من كل الجهات لمواطني الدولة الإسلامية ، وكان عمر يقول .. كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسّني ما مسّهم ؟ وهذه الجملة بحدّ ذاتها من أروع مباديء الحكم التي عرفتها البشرية ، فالحاكم على نفس السويّة والدرجة من أبناء شعبه ، تماما كما هم حكّام العرب في أيامنا هذه !!! اللعنة !
منذ أكثر من عام وغزة تتعرّض لهجمة صهيوأمريكية عربية غير مسبوقة ، والمجاعة تضرب كل أنحاء القطاع ، والتخاذل العربي والعجز المخزي لا تفسير له سوى القول ؛ بأنّ هؤلاء الحكّام باتوا أداة طيّعة لدى تل أبيب وواشنطن ، وهم الأعداء الحقيقيون لنا جميعا كعرب ، وخاصة أهلنا في قطاع غزة وكلّ فلسطين .
الأنظمة العربية عاجزة عن إيصال الغذاء والماء والكساء ، رغم كل مناشدات الأطفال والنساء ، الحكّام المتصهينون يرتعون ويركعون تحت أقدام بني صهيون خوفا على مواقعهم ، فتل أبيب باتت تشكّل طوق الإنقاذ لأنظمتهم ، خشية انتصار المقاومة أو حتى مجرّد بقائها .
كم نحن بحاجة لرجل حاكم يشبه الخليفة عمر بن الخطاب ، يشعر بما يشعر به الناس ، وكم نحن بحاجة لرجال بمستوى مروءة وشهامة أبي جهل ، صحيح أنّه كافر ، غير أنّه أشرف من أشرفهم ، هذا إذا كان لديهم ذرّة من شرف وأخلاق ورجولة !
بتنا نتوسّل قائدا كأبي جهل ، في الوقت الذي غابت فيه غالبية القيادات الإسلامية التي تشاهد ما يجري في غزة ، ولكن الصمّ والعمي والخرس أصابها ، وإنّ غدا لناظره قريب أيها المتصهينون القذرون من أبناء جلدتنا .
كاتب فلسطيني