د. بسام روبين*
إن الممارسات الأمريكية والإسرائيلية المخالفة للقانون والإنسانية قد حولت هذا العالم إلى غابة يحكمها الخارجون عن القانون، مما أدى إلى حرب مفتوحة على القيم والكرامة والمبادئ. وقد ساهمت بعض الثقافات والظواهر الإجتماعية الطارئة في تعزيز هذا الإنحدار الإنساني، بينما لعب الإعلام المضلل دورًا كبيرًا في تقديم معلومات زائفة لتحريف الحقائق، مستغلًا الأفراد والمجتمعات لأغراض سياسية وإقتصادية تخدم هذا المشروع غير الإنساني.
ويتحمل الإعلاميون المنحرفون مسؤولية تشكيل رأي عام مشوه، خالٍ من القيم والمبادئ، حيث باتت الحقائق مقلوبة أو مدفونة، وأصبح الكذب والنفاق سيد الموقف. فالظالم ينتصر والمظلوم يُلاحق، والخائن يتصدر المشهد بينما يُقصى الصادق. ولم يعد هذا العالم يتسع لأصحاب المبادئ والكرامة، بل باتت حقوق الشعوب تُسلب بقرارات جائرة، وتسفك دماء الأبرياء في غزة واليمن بدم بارد، في ظل غياب معارضة قادرة على التصدي لنظريات وخطط منحرفة هدمت منظومتنا الأخلاقية والدينية والإجتماعية أمام أعيننا.
لقد أصبحنا كالقابضين على الجمر، في مشهد يجسد علامات الساعة التي أخبرنا بها رسولنا الكريم. فالأمر يُوَسَّد إلى غير أهله، والرايات تُرفع لمن لا يستحق، وأموال المسلمين تُنفق على مشاريع تُكرّس الظلم والإستبداد، حتى صار الفاسد والجاهل متحدثًا بإسم هذا العالم، بينما يُهَمَّش أصحاب الخبرة والكفاءة والعلم.
لكن رغم كل ذلك، نتمسك بخيط من الأمل، إيمانًا بأن الله لا يضيع حق المظلوم، وأن الفجر سيبزغ مهما طال الليل، وبأن عدالة السماء لا تعرف المحاباة. فإن لم يكن في الدنيا ميزان يزن بالحق، فإن ميزان الله لا يخطئ، وحكمه هو العدل المطلق.
اللهم إن لم يكن بعد هذا الظلم القاتم عدل، وإن لم يكن بعد هذا الإنحدار في القيم والمبادئ إصلاح، فنسألك اللهم أن تبعث لهذه الأمة من يرد لها عزتها وكرامتها، وأن تطهر الأرض من الظلم والفساد، فإنك القادر على كل شيء.
*كاتب اردني
