الأربعاء , يوليو 16 2025
الرئيسية / اراء / أمريكا أولاً أم إسرائيل ؟

أمريكا أولاً أم إسرائيل ؟

د.رجب السقيري*
كنت أشاهد على التلفاز يوم أمس الأحد جلسة مجلس الأمن التي عقدت بناءً على طلب إيران على أثر الضربة الأمريكية التي أعلنت واشنطن أنها قصمت ظهر البرنامج النووي الإيراني . استمعت لعددٍ من المتحدثين وكان معظم ما سمعته متوقعاً ، بل لقد عادت بي الذاكرة ثلاثين عاماً ونيف إلى الوراء عندما كنت وزملائي الدبلوماسيين نستمع إلى المتحدثين في جلسات مجلس الأمن أو الجمعية العامة ونخمِّن بدرجة عالية من الدقة ما سيقوله كل واحد منهم استناداً إلى ما نعرفه عن موقف البلد الذي ينتمي إليه من المسألة المطروحة على بساط البحث ، سواءً أيام كان الاستقطاب حاداً جداً بين المعسكرين الغربي والشرقي أو بعد ذلك ، علماً بأن الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن حول مسألةٍ ما عادةً ما يتاح فيها المجال لمن يرغب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالحضور والإدلاء بموقف بلاده من المسألة مدار البحث.
أدان عددُ قليل من المتحدثين في جلسة أمس ، ومن بينهم الصين وروسيا وباكستان ، تلك العملية الأمريكية التي قامت بها طائرات بي تو B2 الرهيبة ، إضافة إلى مساندة أكثر من مائة طائرة حربية أخرى . حيث حملت طائرات الشبح (بي تو) ستةً من القنابل تزن كل واحدةٍ منها حوالي 14 طناً من المواد المتفجرة ، وذلك بعد أن مهدت للعملية غواصة أمريكية ألقت بحممها من صواريخ توماهوك على أهداف محددة في إيران .
أما أغلبية المتحدثين فقد دعوا الطرفين ، كالعادة في مثل هذه الحالات، إلى ضبط النفس وخفض مستوى التصعيد والعمل على حل النزاع سلمياً بالطرق الدبلوماسية حفاظاً على السلام والأمن الإقليمي والدولي وحفاظاً على أرواح الأبرياء من الطرفين ، إلى آخر ما يحتويه الكليشيه المعتاد من كلمات جميلة ومنمقة .
جاء دور مندوبة الولايات المتحدة فانتبهت بكل جوارحي لكل كلمة تقولها تبريراً للهجوم ونظراً “لاضطرار” بلادها لاستعمال القوة لتدمير البرنامج النووي الإيراني حيث أفادت الوكالة الدولية للطاقة النووية أن إيران لم تلتزم باتفاقية الضمانات الخاصة بالاستخدام السلمي للطاقة النووية استناداً إلى نص وروح معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية NPT ، الأمر الذي يشكل خطراً داهماً على السلام والأمن في الشرق الأوسط والعالم . هذا ما قالته بإيجازٍ شديد ، لكن المندوبة لم تتطرق أبداً إلى تبرير عدم انتظار الولايات المتحدة (كما قال بعض حلفائها ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون) إلى أن يصدر مجلس الأمن قراراً يسمح باستعمال القوة بعدما استنفذ المجلس كل السبل الأخرى التي لم تجدِ نفعاً .
المفاجأة كانت عندما اختتمت المندوبة الأمريكية كلمتها الموجزة بالطلب من مجلس الأمن إصدار قرارٍ يلزم إيران بأربعة أمور قامت بذكرها بالترتيب ، حسب أهميتها ، أوردها فيما يلي مختتماً بها المقال دون تعليق ، تاركاً لحصافة القاريء أن يستنتج ما يشاء بعد أن يعيد قراءة عنوان هذا المقال :
يجب أن يتضمن قرار مجلس الأمن حسب المندوبة الأمريكية ما يلي :
أولاً : (لاحظوا أولاً) على إيران أن تنهي جهودها المستمرة منذ ٤٧ عاماً للقضاء على دولة إسرائيل .
ثانياً : على إيران أن توقف سعيها لإنتاج أسلحة نووية.
ثالثاً : (لاحظوا ثالثاً) على إيران أن تتوقف عن استهداف الأمريكيين والمصالح الأمريكية .
رابعاً : على إيران أن تنخرط بحسن نية في مفاوضات تهدف إلى ازدهار ورفاه وأمن شعبها وشعوب المنطقة .
لا تنسى عزيزي القاريء أن تعيد قراءة عنوان هذا المقال ،
والله من وراء القصد
*كاتب وسفير سابق لدى الأمم المتحدة / جنيف

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نزع السلاح والتوازنات الجديدة في قلب المعركة…!

زياد فرحان المجالي* مع تصاعد الحرب على غزة ودخولها شهرها الـ21، تتكثّف الضغوط الدولية للتوصل …