الخميس , مارس 28 2024
الرئيسية / اراء / الواهمون بالفائز بالبيت الابيض

الواهمون بالفائز بالبيت الابيض

 

عبدالحليم سيف

لو التقيت مواطنا كبيرا في السن، ممن نصادفهم في مدننا وأسواقنا العربية، وتعود في جلسات المقاهي والملاهي – لعب البطة والدمنة – اتخاذ خضوع الحكام العرب للابتزاز الأمريكي مادة للسخرية المريرة على ما آل إليه الحال، تخفيفا لوطأة المهانة بالتنكيت على تلك المواقف المخجلة..من ” عنعنة”، فيما المتفرجون من العرب مكتفون بالصبر الجميل!! وهم يفترشون الأرض قبالة الشواطيء ، يتأملون حركة مراكب الصيد، وحاملات الطائرات العملاقة، والبوارج الحربية الأطلسية السابحة في المياه الدافئة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي ، وسواهم ممن يلتفون حول الفضائيات العالمية ، لسماع آخر فصول أشرس معركة انتخابية طاحنة في تأريخ الولايات المتحدة..، وسألت ذاك المواطن العربي البسيط ، قبيل سويعات من انتخابات الغد “الثلاثاء الكبير والمثير “، ترى أيهما يفضل فوزه بالبيت الأبيض :” الناعم”جون بيدن المرشح عن الحزب الديمقراطي، أو خصمه الجمهوري” المتعجرف” دولاند ترامب?!

لأجابك ، قبل أن يسمع بقية أسئلتك بقوله : لا ترامب “الخشن ” ينفع ، ولا بيدن” المخادع “يفيدنا نحن كعرب ؛ لأن رؤساء الولايات المتحدة من الديمقراطيين والجمهوريين ، لا يحبون الخليجيين بخاصة والعرب بعامة .. ولا غيرهم من المحيطين بمنطقتنا، باعتبارها بقرة “العالم الذهبية “، فقط هم يحبون أمريكا وربيبتها إسرائيل ، يشفطون نفطنا وغازنا..ويسيطرون على منابع البترول، ويتحمكون بالممرات الدولية للطاقة والتجارة، يواصلون ما بدأه غيرهم باستنزاف ثورتنا المالية عبر إجبار الحكام على شراء الأسلحة المتطورة بمليارات الدولارات سنويا؛ لتوجيهها لصدور إخواننا العرب في اليمن وسوريا وليبيا، وذلك بزعم مواجهة الخطر الإيراني، وهم نافخوه.. وما يصفونه بالإرهاب، وهم صانعوه ..، فلا فرق في ذلك بين” جمهوري” و”ديمقراطي” !

مثل هذه الإجابة لمواطن عادي ، تكشف عن تغير حدث إبان العقود الثلاثة الأخيرة في العقلية العربية، فأمريكا الرسمية، لم تستطع حماية الأنظمة الخليجية من الأخطار الإقليمية وحروبها المتواصلة ، رغم وجود القواعد العسكرية والاتفاقيات الثنائية الأمنية، فجراب الحاوي الأمريكي مليان أفاعي، كما يقولون..ولا يعدم لديها الأعذار، ولو عدمت سيأتي بها من عش “خفاش” ..منذ حين وإدارة ترامب تخوف العرب بالأطماع العثمانية بالخليج والمنطقة ، وردع تركيا الأردوغانية، وحماية الخليج من مشاريع طهران وبرنامجها النووي..ورفع السودان من قائمة” الإرهاب الأمريكي”مرهون بتمرير صفقة القرن.. والتطبيع مع إسرائيل.. وهذا ما شاهدناه في الشهرين الماضيين، من واشنطن إلى أبوظبي فالمنامة، وليس آخرها الخرطوم .

والمؤكد أن أمريكا الجمهورية والديمقراطية..لا تحترم صداقتها مع الخليجيين، بل هي من تتآمر عليها، إجبارا لحكامها للاعتماد عليها في حماية الأنظمةمن شعوبها، مع إدامة الصراعات والحروب؛ لتحقيق أهدافها الحيوية المعلنة في استراتيجة القرن الأمريكي، المقرة عام 1996م.ومن أولوياتها السيطرة المطلقة على العالم..! والبداية كانت
بغزو العراق في أبريل 2003 م، مرورا بفصل جنوب السودان عن شماله في استفتاء يناير2011م إلى احتواء ماعرف إعلاميا بثورات الربيع العربي 2011م..فتم تفجيرها مذهبيا ومناطقيا وطائفيا وقبليا ، بالمال الخليجي والسلاح الأمريكي. .فكان أن اضطربت تونس..وتفتت سوريا …وتفجرت ليبيا ..وأضرمت النار في مصر..وتبركنت اليمن وانقسمت..واهتزت الجزائر ، واشتعلت السودان..ولبنان في أتون أزمة طائفية مزمنة ..والأردن التهب بنار الأسعار والفساد..وبلاد الرافدين احترقت..و الانقسام الفلسطيني بين غزة والضفة تعمق..وامتدت ذراع البيت الأبيض؛ لتازيم مجلس التعاون الخليجي، وتقسيم دوله..فتحولت السعودية والإمارات إلى “عدو” لقطر، فاحتمت الدوحة بسياج عسكري أمريكي – وتركي. وسياسي -اقتصادي مع إيران..، وزدادت الخلافات الحدودية بين مسقط وأبوظبي ..واحتدام أزمة سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا..، إلى حد أن ترامب ذهب في بحر الأسبوع المنصرم علانية للتبشير ب “حرب السد ” بين مصر وإثيوبيا.!?

إذن..، الذين يراهنون من الحكام العرب على انتخابات الرئاسة الأمريكية الراهنة؛ لتحقيق رؤية جديدة للسياسة الخارجية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالشرق الأوسط المشتعل، وفي رأسها قضية فلسطين ، كما وعد بها الديمقراطي جون بيدن، فمن السذاجة أن نصدقها..فمواقف الديمقراطيين كلينتون وأوباما مازالت تفعل فعلها حتى اللحظة !

أما الذين يحلمون بتحول أمريكي نحو الخليج وإيران تحديدا..، ويتمنون فوز ترامب في ولاية ثانية ، فلا تختلف آمالهم في هذا الجمهوري وذاك الديمقراطي عن عشم إبليس في الجنة !!

 

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

خواتيم التآمر!

فؤاد البطاينة* ما زال تاريخ الحركة الصهيونية الخزرية في فلسطين قائما على الحروب منذ بدايات …