بقلم / عادل حويس*
الوحدة ليست ربا ولا صنما مقدسا بل هي في جوهرها خيار حياة يهدف إلى تحسين معيشة الناس وصون كرامتهم. غير أن هذا الخيار مهما بدا ساميا في الخطاب يفقد معناه إن لم ينعكس أمنا وعدلا وتنمية على الأرض.
فالوحدة ليست مبحثا نظريا ولا شعارا يرفع عند الحاجة بل عقد اجتماعي يجب أن يقوم على رضا الناس وثقتهم لا على ابتزاز المشاعر أو استثارة المخاوف أو إلزام المواطنين بما لا يرون فيه خيرا لهم.
وإن عجزت الوحدة عن تحقيق أهدافها فليست نهاية العالم أن يبحث الناس عن صيغة مختلفة تنصفهم وتضمن حقوقهم وتتيح لهم أن يعيشوا بكرامة واستقرار.
لسنا بحاجة إلى قداسة مصطنعة تفرض على واقع مثقل بالأزمات. فحين تتحول الوحدة إلى عبء ويغدو الحديث عنها مجرد لافتة سياسية تستخدم لتبرير الفشل يصبح من حق الناس أن يعيدوا النظر وأن يطالبوا بخيارات أخرى حتى وإن اضطرتهم الظروف للعودة إلى ما يسمى “البرميل الشهير” ولكن بأسلوب مختلف أسلوب يرتكز على الترتيبات الواضحة والضمانات الحقيقية لا على الارتجال والمسرحيات الهزلية.
فالناس لم تعد تحتمل المزيد من الطبخات السياسية القذرة التي تشرعنها أدوات أكثر قذارة وبؤسا وتمرّر تحت دعاوى الوطنية أو الحفاظ على المصلحة العامة بينما هي في الواقع طعن مباشر لهذه المصلحة.
من حق المواطنين أن يعرفوا إلى أين تسير أوطانهم وأن يشعروا بأن كرامتهم غير قابلة للمساومة وأن حقوقهم ليست ورقة في سوق السياسة. فإذا اختار بعض الأطراف الانفصال فذلك خيارهم ولكن ليس من حق أحد أن يعبث بمشاعر الناس أو يستخدم قضاياهم الكبرى كأوراق ضغط أو أدوات ابتزاز.
فالقيمة الحقيقية لأي مشروع سواء كان وحدة أو انفصالا تكمن في مدى احترامه للإنسان ومدى قدرته على توفير حياة آمنة ومستقرة له.
إن التجارب أثبتت أن الشعوب لا تقاد بالقوة ولا تخدع بالشعارات زمنا طويلا وأن أي مشروع يقوم على المغالطة أو القسر مصيره الانهيار مهما طال الزمن.
وحدها المشاريع المبنية على الشفافية والمصارحة واحترام إرادة الناس هي التي تصمد أمام المتغيرات. لذلك فإن الواجب اليوم ليس تجريم كل نقاش أو تخوين كل رأي مخالف بل مواجهة الحقيقة بشجاعة: لا وحدة ناجحة بغياب العدالة ولا انفصال منصف بلا قواعد تحفظ الحقوق وتضمن العيش الكريم.
إن احترام مشاعر المواطنين وكرامتهم يجب أن يكون الأساس الذي تبنى عليه الخيارات السياسية الكبرى وليس مجرد بند ثانوي في نهاية قائمة طويلة من حسابات النفوذ وتقاسم السلطة. فالشعوب لا تطلب المستحيل بل فقط أن تعامل بكرامة وأن تدار أوطانها بعقلانية وأن تصنع قراراتها بما يليق بإنسان هذا العصر.
ومن لا يستطيع منح الناس هذا الحق البسيط فليذهب إلى الجحيم مع خياراته وليدع الوطن لأبنائه الأحرار الذين يعرفون جيدا أن قيمة أي مشروع سياسي تبدأ من احترام المواطن وتنتهي عند ضمان كرامته.
اليمن الحر الأخباري لسان حال حزب اليمن الحر ورابطه ابناء اليمن الحر