د. جاسم يونس الحريري*
من مفارقات السياسة الامريكية تجاه ايران توجيه رسالة علنية الى الرئيس الايراني مسعود بازشكيان اثناء زيارته للعراق يوم الاربعاء الموافق11/9/2024 خلاصتها تهيئة الجو المناسب للاشتراك مع 3دول اوروبية غربية (فرنسا، لندن،المانيا) في فرض عقوبات اضافية على ايران. وقال في هذا الصدد جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لصحفيين ”إن الولايات المتحدة ستنضم إلى حلفاء في فرض إجراءات عقابية على إيران اليوم الثلاثاء الموافق10/9/2024بسبب إرسالها صواريخ باليستية إلى روسيا”. وأضاف “أن واشنطن ستعلن مزيدا من العقوبات إذا لزم الأمر”. وقال البيت الأبيض، “إن عشرات العسكريين الروس تلقوا تدريبات بإيران على استخدام صواريخ باليستية”.
وأضاف البيت الأبيض ”أن التعاون العسكري بين إيران وروسيا خطر على أوروبا والشرق الأوسط”. الا انه الدبلوماسي الايراني ناصر كنعاني المتحدث الرسمي باسم “وزارة الخارجية الايرانية” نفى ذلك جملا وتفصيلا ووصف تلك المعلومات بأنها “دعاية قبيحة وكذب” هذه التطورات هو تحذير واضح لبازشكيان من عدم التدخل في ملف الانسحاب الامريكي في العراق وعدم دفع العراق الى التصادم مع واشنطن في هذا الملف.قد يقول البعض هذا تحليل مبالغ فيه لان واشنطن لم يصدر منها بيان رسمي أو صحفي حول زيارة بازشكيان الى العراق بل أنها عبرت في مناسبات سابقة بعد تنصيب بازشكيان في رئاسة ايران في30/6/2024 وبصورة غير رسمية عن ترحيبها بتوجهاته التي تؤكد تصميمه على دعم كل مامن شأنه دعم الامن والسلام والاستقرار في المنطقة فضلا عن الاصول الفكرية لبازشكيان الاصلاحية وتوجه المزاج الشعبي الايراني الى تاييده في الانتخابات الرئاسية الاخيرة والابتعاد عن الخط المتشدد نوعا ما لكن برغم الضغوط الامريكية على بازشكيان الا انه مصمم على زيارة العراق قبل توجهه الى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب قناعات له لتنفيذ السياسة الخارجية الايرانية والاهتمام بدول الجوار حيث يقول بازشكيان أن سياسته الخارجية مبنية على دول الجوار وللعراق اولوية في هذا المجال” كما أوضح ذلك السفير الايراني في العراق “محمد كاظم ال صادق”.
السبب الاخر للضغوط الامريكية على بازشكيان وهو متواجد في العراق تحجيم الدور السياسي الايراني في ترطيب الاجواء بين الكتل السياسية العراقية خاصة بعد الجدل في ملفات الفساد “سرقة القرن -نور زهير” والتنصت “شبكة محمد جوحي” الاخيرة ،الملف الثالث التي تخشى منه واشنطن أن زيارة بازشكيان جاء الى العراق ليشكر الحكومة العراقية وحكومة أقليم كردستان العراق على التعاون الامني العالي في تنظيم الحدود الايرانية –العراقية من جانب أقليم كردستان العراق وغلق العراق77مقرا للاحزاب الكردية الايرانية المعارضة لطهران المتواجدة في الإقليم ”وهي ورقة أستخبارية مهمة جدا للCIA كجزء من الحرب الناعمة الامريكية ضد ايران” وتسليم المقرات إلى قيادة حرس الحدود وعن المقرات التي تم إخلاؤها وتسليمها إلى قوات حرس الحدود العراقي، وحسب تصريح السيد “قاسم الاعرجي” مستشار الامن القومي العراقي في مقابلة خاصة مع التلفزيون الايراني الرسمي “إن المقرات التي لا يمكننا إرسال حرس الحدود إليها تم تفجيرها لكيلا تكون ممرا لتهريب المخدرات ومقرا لتمركز بعض المجاميع المسلحة”.
وتسليم الاسلحة الثقيلة لتلك الاحزاب الى قوات حماية الإقليم ”البيشمركة” وتوزيع المقاتلين الاكراد الايرانيين المعارضين لطهران مؤقتا في6معسكرات 4في اربيل و 2في السليمانية لحين أعادة توطينهم في دولة ثالثة بالتنسيق مع الامم المتحدة حسب ما ذكره السيد قاسم الاعرجي مستشار الامن القومي العراقي في المقابلة اعلاه .وفي ضوء ذلك طالما التزمت بغداد بمضمون الاتفاقية الامنية بين الطرفين المعقودة في بغداد في 19 مارس 2023،التي تقضي بموجبها بأن “تكون حدود البلدين خالية من الجماعات الإرهابية”.
ووفقا للدستور العراقي، “لا ينبغي أبدا أن يشكل هذا البلد تهديدا للدول المجاورة”. فان ايران وعدت بعدم ضرب الاقليم في حال التزام العراق ببنود الاتفاقية بسبب تواجد الاحزاب الكردية الايرانية المعارضة التي تشكل تهديدا للامن القومي العراقي والايراني في ان واحد .الملف الرابع الذي يزعج واشنطن والنتائج التي يمكن ان تنتج عنها الزيارة احتمالية طرح ملامح الرد الايراني على ”اسرائيل” بسبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أسماعيل هنية الذي صادف في يوم تنصيب بازشكيان نفسه الى الحكم بالرغم ان خيار الرد لايعني ايران غير مدركة للرد الاسرائيلي المتوقع أزاء ذلك الا ان ايران تدرك أيضا تهور بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وسعيه الى توريط ايران في حرب اقليمية مدمرة سعيا لحماية نفسه من الملاحقة القانونية واقالته والجو المتصاعد ضده داخل الاحزاب المعارضة له في ”اسرائيل” بسبب ملفات فساد وسوء استخدام الاموال الحكومية الاسرائيلية والنكبة التي وقع بها نتنياهو جراء الضربة القاصمة للمقاومة الفلسطينية البطلة من اندلاع معركة ”طوفان الاقصى” البطولية في السابع من اكتوبر2023 وانهيار نظرية الردع الاسرائيلية والسقوط النفسي لمعنويات الجيش الاسرائيلي المحتل جراء ذلك.وعدم علم ابرز الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية بوقوع الهجوم الفلسطيني على الكيان الاسرائيلي المحتل “طوفان الاقصى” وهي ”جهاز المخابرات الإسرائيلي ”الموساد” وجهاز الامن الداخلي الإسرائيلي ”الشاباك” وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ”آمان”.
*بروفيسور العلوم السياسية و العلاقات الدولية
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …