الخميس , أبريل 18 2024
الرئيسية / اراء / فلسطين.. تغيير ام تعديل وزاري ؟

فلسطين.. تغيير ام تعديل وزاري ؟

نادية حرحش*
انتهى العيد وعادت الاقاويل والتوقعات الى المشهد الفلسطيني الذي ينتظر التغيير. واشاعات تشكيل حكومة تقلص الى تغييرات وزارية واسعة سيضيق إذا بقي الشارع بهدوء العيد.
بينما الناس في إجازة العيد، تحرك الاعلام الإسرائيلي والامريكي لكسر الجمود وتحريك التحليلات صوبهم. فبالنهاية، تشكل إسرائيل وامريكا حجر الأساس او حجر القبر لهذه السلطة. وعليه، فإسرائيل لا يكفيها المشاهدة في الملهاة الفلسطينية الكارثية المآل، لأنه بالمحصلة، تحتاج إسرائيل التأكد ان الأمور يمكن السيطرة عليها دائما لما يخدم مصالحها.
في نفس السياق، تحتاج هذه السلطة من اجل وجودها اثبات نفسها لإسرائيل وامريكا. فالمشاورات والتحركات ما بين رموز السلطة وإسرائيل وامريكا و “هز الذنب” من اجل استرضائهم يشكل ما يمكن وصفه بالنبض الأخير لما يشكل لهذه السلطة من حياة. فأولئك يعرفون جيدا انهم فقدوا شرعيتهم ولن ينفعهم أي اصلاح منذ مقتل نزار بنات وقمعهم الوحشي للمظاهرات والاعتقالات وعمليات الابتزاز التي طالت المواطنين. وبما انهم لا يهتمون أصلا بالشعب ولا يرونه، فهم يحتاجون الى \او يظنون انهم باسترضائهم إسرائيل وامريكا سيحافظون على وجودهم. وبطبيعة الحال، موضوع الانتخابات ولّى الى غير رجعة.. او ” حتى توافق إسرائيل” على اجراء انتخابات بالقدس.
الرئيس الفلسطيني حاول الاتصال بالرئيس الإسرائيلي الجديد ليبارك له المنصب الجديد، ولكن الأخير لم يعبّره كثيرا. محاولات الاتصال من قبل الرئيس الفلسطيني بالإسرائيلي لفتت انتباه الكثيرين لما ترتب عن عدم رد الأخير له، والذي يبدو ان رده سيشكل إنجازا لطبيعة علاقة “وهمية” جديدة لكلام مفاوضات لن تحدث، سيتم التمييع بالحديث عنها الى اجل مسمى اخر، من قبل رئيس لا صلاحيات له لرئيس لا شرعية له. في المقابل، رئيس الوزراء الجديد، لن يسمح له وضعه المتخلخل اصلا بأخذ أي مجازفات تضيع وقته وتقصر من عمر حكومته أكثر، فأعلن واختصر انه غير معني باستئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين، إذا ما فهمنا ان تصريحه رد به على مقابلة حسين الشيخ التي أعلن فيها ان المفاوضات هي الطريق الأسرع لإنهاء الاحتلال.
انهاء الاحتلال امر لا تفكر به الحكومة الإسرائيلية، ولن تجعل وزيرة الداخلية شاكيد من الامر أصلا وارد، خصوصا بعد تلويحها بالخروج من الحكومة إذا لم يتم استئناف \ او الموافقة على بناء المزيد من المستعمرات بالضفة الغربية.
يذكرني أفعال رجال السلطة بمقولة جبران “ما رأيت شخصا تنازل أكثر من اللازم الا وتم التنازل عنه.”
المتأمل بالمشهد الفلسطيني المحيط بالجدار والحواجز التي صارت معابر تستوجب التصاريح من خلال التنسيق الأمني، لا يرى الا تنازلات تقدم بالمجان وتبرعا حتى. بينما يترك صاحب الامر من اولي الامر الفلسطيني للمزيد من التوحل الذي يغرس بالفلسطيني كالطين.
تحتاج السلطة من اجل ان تشرعن وجودها امام المحتل والممولين أسبابا لاستمرارها بعد ان اثبتت فلسها الكامل امام مواطنيها وسط فلس مطيّن بميزانية عاجزة بالمليارات. طبعا، ليس من شأن المواطن ان يعرف ولا ان يفهم لماذا هناك عجز وما هو وضع ميزانية وزارة المالية الذي تحولت خزينتها الى صندوق اسود منذ تسلمها شكري بشارة. ولا يمكن للمواطن ان يسأل عن استثمارات صندوق الاستثمار ولا غيره. يحاول المرء التفكير كيف وصل العجز الى هذا الحد الصارخ من العجز والشعب يعيش على الفتات والمشاريع الاستثمارية والتمويل يتم الإعلان عنها كتذكرة دخول لمرة واحدة. الداخل مولود والخارج مفقود. نرى مشاريع وعمارات يتحكم بها رموز السلطة بأسمائهم وأسماء أولادهم والمقربين منهم، والشعب يتم تخييره بين الوطن والفلوس وكأن الفتات التي يقتات عليها تعيل وتبني اوطان.
المواطن موجود ليتم التنكيل به واستعباده وقتله اذا ما لزم الامر ان لم ينفع اعتقاله او تعذيبه باخراسه.
أمريكا وإسرائيل تحاولان إيجاد مخرج لبقاء السلطة بأموال تبقيها على قيد البطش التي تتكفل فيه ضد الشعب.
من جهة، لا يزال التلويح بالأمن كحجة لبقاء إسرائيل من خطر “الهمجية الفلسطينية” التي يحميها التنسيق الأمني المقدس، من شعب إذا ما ترك سيقضي على الإسرائيليين ليرميهم الى البحر. شعب اقصى اماني الالاف من أبنائه الذين سمح لهم العبور بالعيد ان يرموا أنفسهم في أحضان البحر، ليبتلع بعضهم.
مشاهد محزنة ومؤلمة، تلك لشعب يتدفق الى البحر ليشم هواءه ويلتحف برماله وتغرقه امواجه. شعب يتشوق للبحر لدرجة يرمي نفسه فيه ويموت افراده غرقا. شعب اكبر امانيه رؤية بحر محروم منه على بعد اميال معدودة في بعض الأماكن.
هذا الشعب الذي يخيفون الاحتلال والعالم منه. الشعب الذي يردعه التنسيق الأمني عن التخلص من إسرائيل وشعبها!
شعب حرم من البحر المجاور لمدينته وقريته وعند فرصة الخروج من معزله يرمي نفسه الى حضن ذلك البحر الغادر.
شعب يقتله احتلال وتردعه سلطة ويقف فريقه الأولمبي دقيقة حداد على صرعى عملية ميونخ. لم يطالب الوفد الأولمبي الفلسطيني الاعتذار على الاحتلال ولا على ضحايا غزة قبل شهر ولا على الشاب التميمي الذي زهقت حياته عنوة قبل يوم.
نكتفي بإنجاز المشاركة الرمزية ولبس الثوب والكوفية ورفع العلم الى جانب قطعة من ارض سموها باسمنا كذلك فلسطين.
لقد وصلنا الى هذا المستوى من الفلس الذي يغرقه الطين، فلم يعد من فلسطين الى الفلس والطين. وسلطة تتسلط على شعب يحاول في بعضه الا يتوحل في طين مستنقع فساد افلسنا حتى من خارطتنا ونضالنا.
*كاتبة فلسطينية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

الأردن..هل دافع عن مجاله الجوي أم حمى إسرائيل؟

د. حامد أبو العز* غالبا ما تختفي خطوط الولاء والخصومة في منطقة الشرق الأوسط ذات …