الأربعاء , سبتمبر 18 2024
الرئيسية / اراء / حرب الناقلات

حرب الناقلات

..
الدكتور محمد بكر*
يشتعل مجدداً مشهد الاتهامات لطهران بالوقوف خلف استهداف الناقلة الإسرائيلية ( ميرسر ستريت ) بالمسيرات في بحر عمان ، بعدها كان الاتهام الغربي لإيران حاضراً عندما تعرضت الناقلة ( أسفلت برنسيس ) لهجومٍ من قواتٍ قيل أنها مدعومة من إيران، حاولوا اختطافها واجبارها على الإبحار باتجاه إيران بحسب الرواية الغربية، ثمة من يربط بين استهداف الناقلة الإسرائيلية واستهداف مطار الضبعة في سورية الذي سقط فيه أحد أعضاء الحرس الثوري وجرح أربعة مقاتلين من حزب الله، هذا الربط الذي يجد فيه العديد من المراقبين والمحللين ولادة لاستراتيجية ردع جديدة يصوغها محور طهران على قاعدة: الرد وإن اختلفت جبهات المواجهة .
حرب الناقلات بين إيران والكيان الإسرائيلي والغرب ليست بالجديدة، ولاتشكل مشهداً استثنائياً في مسلسل الكباش، الجديد هو في التوقيت والأهداف المتقدمة للجانب الاسرائيلي تحديدا ، المدفوع بجملة من المشاهد التي تشكل في مضمونها وحيثياتها والبناء عليها فرصة لضرب عدة ” عصافير ” بحجر اسرائيلي واحد .
ـ المشهد الأول: هو التصريحات الإيجابية التي يدلي بها المجتمعون في فيينا حول إمكانية التوصل لاتفاق حول البرنامج النووي الايراني، لا تبدو فيه طهران مستعجلة لصياغة اتفاق لا يلبي في جوهره تحرراً كاملا من العقوبات، فيما تجد إسرائيل في أي اتفاق مهما كان شكله ومضمونه تهديداً لها وخذلاناً أميركياً وغربياً ، تبدو معه المحاولات لتخريب ” حفلة فيينا ” هدفاً إسرائيلياً محورياً .
ـ المشهد الثاني: هو مايشكله المشهد اللبناني لجهة تداعيات فشل تأليف حكومة موحدة ، وتردي الأوضاع الإقتصادية واحتقان شعبي كبير، من فرصة مهمة لاسرائيل للبناء على كل ذلك، ومحاولة تفجير الداخل اللبناني الذي قد يحقق مالم تستطع الطائرات الإسرائيلية تحقيقه لجهة التأثير في قدرات وسلوك حزب الله، من هنا يبدو حديث الأمين العام للحزب حسن نصرالله عن محاولات لإدخال السلاح للبنان مقدمة للتفجير وإشعال حرب أهلية .
ـ المشهد الثالث: اشتعال جبهة جنوب سورية وتحديداً درعا إذ يشكل ديمومة مثل هكذا مشهد، وتعزيز احتقانه، غاية إستراتيجية لاسرائيل تؤثر في التواجد العسكري لإيران في المنطقة ، يبدو فيه الحديث عن أية تهدئة أو تخفيف التوتر برعاية روسية حافزاً إسرائيلياً مهماً للتشويش على التوافقات والتسويات .
ما جاء في بيان الجيش الايراني لجهة اعتبار الاتهامات الغربية بأنها محاولات لمغامرات جديدة، وما اعتبره محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس العبرية تسفي بارئيل أن التوتر بين إسرائيل وإيران يأتي في وقت لا يعد فيه الجيش الإسرائيلي والسكان المدنيين ، على استعداد لتحمل تبعات مواجهة جديدة ولاسيما بعد معركة سيف القدس، كل ذلك يشي بأن مايحدث من تصعيد سواء في الخليج وبحر عمان، وحتى في الميدان على خلفية إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان سقطت في مستعمرة كريات شمونة، والرد الإسرائيلي على ذلك باستهداف مناطق في جنوب لبنان عبر الطائرات الإسرائيلية، قد لا يرقى في دلالاته العسكرية لممهدات مواجهة مفتوحة بين الطرفين ، وهما اللذان يديران ملف الاشتباك بينهما على قاعدة تبادل الرسائل وليس تفعيل المواجهة ، ولاسيما في المدى القريب، فطهران معنية بالمنطق الاستراتيجي والبراغماتي برفع العقوبات أكثر من الدخول بحرب لاتبقي ولاتذر، وحكومة بينيت لبيد، معنية بالمنطق العسكري بإكمال صياغة التحالف مع الغرب والعرب اقتصاديا وسياسياً وعسكرياً ، وإلى حين الانتهاء من ذلك تبدو صياغة الردود المحدودة، وتحشيد المجتمع الدولي ضد طهران خطوات مهمة لابد منها قبل الحرب المباشرة.
*كاتب صحفي وإعلامي فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

حزب الله والكيان!

د. ميساء المصري* يقال في علم السياسة أن الأحداث تغير مجرى التأريخ .ومن الصعب التيقن …