د.حسناء نصر الحسين*
في محاولة يائسة ودون حسابات دقيقة للخطوات اللاحقة لسيطرة القوات الاوكرانية على مناطق في اقليم خاركوف دأبت واشنطن في العمل على تحقيق متغيرات في ميادين القتال التي تخوضها الدولة الاوكرانية بالوكالة عن حلف الناتو مع روسيا الاتحادية فكانت المكنات الاعلامية الامريكية الغربية ومن يدور في فلكها من اعلام ناطق باللغة العربية السيدة الأولى التي اتخذت على عاتقها مهمة صناعة النصر الوهمي في معركة خاركوف التي كانت الطعم الذي رمته القوات الاوكرانية ومن خلفها من استخبارات امريكية وغربية لالحاق هزيمة بالقوات الروسية وتشتيت انتباهها عن المعركة الرئيسية التي كانت اوكرانيا تخطط لاطلاقها وهذا ما افشلته القوات الروسية عبر اعلان انسحاب قواتها الموجودة في عدد من قرى وبلدات في هذا الاقليم .
ليكون هذا الهجوم الأوكراني الجسد الامريكي والفكر تجسيدا لمخرجات الاجتماع الاخير لمجموعة الاتصال الدفاعية حول أوكرانيا الذي عقد في شهر مارس من هذا العام في المانيا والذي كان هدفه الأول هو منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من هزيمة الغرب فكان دعم القوات الاوكرانية عبر الدعم الامني الاستخباراتي والاسلحة العسكرية الغربية المتطورة احد اهم ما تم التوصل اليه في هذا الاجتماع وامام هذا الهدف الامريكي الغربي المتمثل بمنع بوتين من هزيمة الغرب تستمر واشنطن في خوض هذه المعركة لمنع تفوق وادخال العالم اجمع بأزمات تطال شعوب العالم اجمع دون الاخذ بالحسبان لما ستؤل اليه الاوضاع من ازمات اقتصادية ومجاعة دولية .
واذا سلمنا بالرواية الاوكرانية بتحقيقها انتصارات عبر استراتيجيتها التي عرفت بالهجوم المضاد وانها حققت انتصارات عظيمة على القوات الروسية فلا بد ان نضيء ايضا على الانتصارات الاستراتيجية التي حققتها روسيا في عقر دار الامريكي والغربي لتدخل هذه الدول شعوبها في دوامة التضخم الاقتصادي وسوء الواقع المعيشي لمواطنيها مما سينعكس بشكل سلبي على العلاقة بين الشعوب وحكامها ومؤسساتها وسيؤدي الى اسقاط حكومات هذه الدول وستفشل استراتيجية البنتاغون المتمثلة بوضع حد لتفوق بوتين على الغرب .
وهذا ما تؤكده كبرى الصحف الامريكية مثل الواشنطن بوست التي نقلت عن كبار مسؤولي البيت الابيض المتخصصين في السياسة والاقتصاد الذين رأوا في العقوبات الامريكية على النفط والغاز الروسيين بأنه سيلحق اضرارا فادحة على الاقتصاد الامريكي وسيمثل كارثة استراتيجية اضافية للعقوبات .
لتتحول العقوبات الامريكية الغربية على روسيا لنصر يضاف لسجل الانتصارات الروسية التي حققتها روسيا خلال الاشهر الماضية وبذا تكون هذه الدول تعاقب شعوبها وتفقر الشعوب الفقيرة اصلا .
ان العقلية الامريكية المبنية على الهيمنة وعدم التشاركية مع بقية الدول الكبرى في ادارة الازمات وتوزيع النفوذ واحترام المصالح للدول الاخرى ستؤدي الى المزيد من الهزائم لهذه الامبراطورية ولن ينجح حكام البيت الابيض بإعادة عقارب الساعة الى الوراء والحفاظ على هيبة امريكا التي كانت العملة الامريكية الدولار احد اهم ركائز هذه الامبراطورية الذي يتحكم بمسارات التعاملات التجارة العالمية وما تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن التخلص من الاعتماد على الدولار امر حتمي الا كلاما صريحا بأن الاحادية القطبية المعتمدة على الدولار في هيمنتها على القرار الدولي الى زوال وتأكيدا على ان المشروع الروسي المدعوم من الصين اكبر بكثير من أوكرانيا التي تمثل ساحة صراع لنظام عالمي جديد يعيد للقانون الدولي دوره المنظم للعلاقات والمعاهدات الدولية المنبثقة من ساحات الصراع الدولية وهنا سيجل الانتصار الحقيقي للدول والشعوب التي ارهقتها سياسات واشنطن الاستعمارية لعقود مضت وسيكون طريق التحرر للأمم من البنك المركزي الامريكي وصندوق النقد الدولي هو الانتصار الحقيقي للمجتمع الدولي الذي تسعى روسيا لتحقيقه وليس انتصارات المكنة الامريكية الغربية التي تحاول صناعتها في اقليم خاركوف .
ولعل ما ينتظر اوروبا في شتاءها البااارد سيكون أكثر سخونة وأشد وطئة على الاوروبيين، فالعقلية التي يدير بها بوتين المعركة تعرف كيف تتعامل مع الوقت جيدا وتدرك أن لعبة الزمن في الحرب عنصر حسم رئيسي، كل هذا أمام فشل البحث عن خيارات أمريكية أوروبية بديلة امام اسرش معركة طاقة وغاز عرفها العالم، وتبقى الكلمة الأخيرة بانتظار فصل ستتبدل فيه معايير البرودة الى شتاء لا يقل سخونة عن معركة البارود والنار، فأي شتاء ساخن ينتظر أوروبا؟!
*باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
شاهد أيضاً
ترمب ومعضلات الشرق الأوسط!
د. سنية الحسيني* من الواضح أن الشرق الأوسط الذي خرج منه دونالد ترامب في مطلع …