د. محمد المعموري*
منذ” 365 ” يوم ، والقتل يستمر ، منذ ” ٨٧٦٠” ساعة والسماء تمطر حمم القتل ، منذ ” ٥٢٥٦٦٠” دقيقة والاطفال يبحثون عن ابائهم والام تصرخ الى عناء السماء مستنجدتا شاكيتا للواحد القهار جور عدو غاصب متجبر قاتل دون رحمة وبلا قانون يردعه او قوي يوقفه ، منذ “٣١٥٣٦٠٠” ثانية توقفت غيرة العالم ونخوته وهم يشهدون شعب يقتل وبيوت تهدم وعوائل تهجر واخرى تدمر وثالثة لم يبقى الا طفل يبحث عن ام او اب وربما دفت عوائل تحت الركام ، ولا زال العالم يبحث عن مخرج كاذب يخادع به نفسه ليعطي الضوء الاخضر لقاتل العصر ان يقتل ويزيد ويمعن بالقتل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
ورغم هذا فان الذي حصل في ” السابع من أكتوبر ” منذ عام مضى كان يوم انتصر به الفلسطيني على اشرس عدو ولم يكن يوما منتصرا كما كان في ذاك اليوم العظيم في طوفان الاقصى المبارك فهو الشعب الذي قدر له ان يعيش وهو الشعب الذي اذا قتل منه من قتل يرفع رأسه الى السماء ويقول ربي خذ ما شئت حتى ترضى ، وهو الشعب الذي علم الشعوب الصمود والنضال ، وهو الشعب الذي اذاق العدو مرارة الهزيمة والخذلان وهو الشعب الوحيد الذي ناضل وصبر وقدم قوافل الشهداء لأكثر من سبعة عقود ، وهو الشعب الذي لا يقبل بين صفوفه الجبناء وهو الشعب الذي اذا مات يحيه الله ، هو شعب الله المحتار .
لقد كانت قوافل الشهداء تسير فيرتقي الشهيد تلو الشهيد وبين يوم ويوم وساعة وساعه كانت تلك الارواح تزف الى ربها راضية بأذن الله مرضية ، فاصبح اليوم اكثر من اربعين الف شهيد تفخر بهم فلسطين ليزداد عزمهم وحبهم للشهادة من اجل وطنهم رافعين راية النصر ويعلمون انها لم تتحقق الا بدمائهم الزكية .
كان عام طويل تغيرت به معالم العالم واصبح يقاس يوم ” ٧ أكتوبر ” كمقياس لتغير وجه العالم وسياساته ، لم يكن يوما لنحسب به عدد شهداء غزة ولا نداوي به جرحاهم الذي تعدى عددهم الثمانين الف ولا لنمسح من عيون امهاتهم المهم ولا نخدع اطفالهم بلعبة او لقمة عند بكائهم وهم يستغيثون من جوع وحصار كافر ، ولكننا نحسب لهم انهم اصبحوا معادلة غيرة وجه العالم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي واصبح من يخشى نار العدو يتحسب لها ومن ينصر هذا الشعب العظيم يتقدم عليها فيخترق مركزها ويتحدى جبروتها وهو يعلم ان ما اصابه ويصيبه هو مكتوب من عند الله وان التخاذل والخوف هو من يجلب تلك النار لتحرق وطنه وتقتل شعبه عاجلا ام اجلا ، لان مشروع الصهيونية هو ان يتحقق حلمها وان قتلت العالم باسره ، فهي الان تمتلك القوة والتكنلوجيا والدعم الامريكي والاوربي والمساندة الاممية والصمت من منظمات “حقوق الانسان ” فهي من تعيد برمجة العالم بما ترغب به ،،، (وهذا ضنها ) …!.
لذلك فان طوفان الاقصى كان يجب ان يكون ليحرر العالم من استعباد النظام العالمي للشعوب التي تسمى الشعوب النامية وكان يجب ان يكون ليكشف وجه الكيان المحتل وزيف ادعاءات امريكا بانها قائدة العالم وانها تقف مع الحق كما هو حال نظامها العالمي الذي اثبت انه حقا دون حق ، نظام قامت اركانه على الاستعمار والهيمنة نظام كان ولا يزال لم يحرك ساكنا من اجل نصرة بلاد العالم الفقيرة وهي تنهب ثرواتها من قبل بعض اعضائه ويقتل ابنائه ويخطط للعالم كل ما يتناسب مع استعمار الشعوب وقتلهم وجرهم الى الحروب والفوضى وتقسيمهم الى دويلات ضعيفة تحكمها القبلية وتسود فيها الطائفية والعرقية ، عالم في نظام عالمي تصدرته دولة تدعم كيان يقتل شعب ويدمر مدن ويغزو دول وينتهك سيادات ويفعل ما يحلو له دون عقوبة وبلا ردع بل بمباركتهم واسنادهم وبغض النظر عن جرائم ترتكب وابادة تتحقق امام انظار الجميع .
اذا كان العالم منصف فأننا نطالبه ونطالب نظامه العالمي واممه المتحدة باتخاذ القرارات التي اتخذت ضد العراق بعد غزو الكويت عام ١٩٩٠ وما تمخض بعدها من تجيش الجيوش وتحالفاته لإخراج العراق من الكويت بعد الغزو ، اليس لبنان دولة معترف بها في الامم المتحدة ، اليس، لها سيادة وحدود ، اليس لها الحق في ان تحافظ على حدودها وسيادتها وان تدان اليد التي تطالها فلماذا اليوم الكيان المحتل في فلسطين يدمر تلك البلاد بضربات اقل ما يقال عليها همجية خالية من الانسانية ، كما فعل في غزة ، اين قرارات الامم المتحدة التي صدرت ضد العراق ؟ ، لماذا لم تصدرها ضد هذا الكيان واين الجيوش والتحالف الذي حارب العراق لماذا لم يخارب هذا الكيان على غزوه للبنان ؟.
لقد اصبحنا نعلم ان العالم يكال بمكيالين وان للعالم وجهين وان للعالم نظامين ، وان من يدان عليه ان يكون عربيا وان القرارات التي تصدر بحق الدول النامية هي ليست كالقرارات التي تصدر بحق دول النظام العالمي ، فان النظام العالمي الذي “بلع لسانه ” على مجزرة غزة ولبنان هو ذاته الذي كان يصرخ عند غزو الكويت .
ولم يكتفي الكيان المحتل بغزة ولبنان فهو رفع خريطتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت خريطة سوداء لدول قد خطط لها با تسحق وخريطة اخرى اجلت لوقت لاحق .
الشر والقتل سيكون على الجميع في الشرق الاوسط ولأننا رضينا ان نكون دول “نائمة ” نتجنب شر النظام العالمي علينا ان نواجه تلك الهجمات وهذا التسلط من نظام وضع ليكون سيفا على رقابنا ليقتل ابنائنا ويهجر عوائلنا ويستعمر اراضينا ، رضينا فاصبحنا نخشى الوقوف بوجهه ،وفي كلا الحالتين مصرنا معرف الا اذا رفعنا سيف هذا الظلم من على رقابنا .
والله المستعان
*كاتب وباحث عراقي
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …