السبت , يونيو 14 2025
الرئيسية / اراء / المشروع الأمريكي الإسرائيلي في سوريا!

المشروع الأمريكي الإسرائيلي في سوريا!

د. سماهر الخطيب*
أكدت تقارير إعلامية عديدة على استمرار الممارسات الأمريكية في الشمال الشرقي السوري بالسيطرة على حقول النفط والاستحواذ على كافة الصادرات، مخالفة بذلك جميع القوانين والأعراف الدولية، خصوصًا بعد سقوط نظام الأسد ووصول السلطة الى قوات المعارضة التي حصلت على التأييد والاعتراف بالشرعية من معظم دول العالم.
ويتعاون الأكراد مع القوات الأمريكية المتواجدة شرقي البلاد مقابل التسليح والدعم، ويعود هذا التعاون المشترك لسنوات طويلة بعد بداية الثورة السورية، واليوم وبعد تغير المعطيات وبدء مرحلة بناء الدولة السورية، مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم تقسيم البلاد عن طريق المساهمة في سيطرة الأكراد على مناطق واسعة ودعم فكرة الانفصال حتى وإن كانت التصريحات من جميع الأطراف عكس ذلك.
وعلى الرغم من المصالحة بين الأكراد والإدارة السورية الجديدة، الا أن الخبراء مازالوا يجمعون على أن واشنطن لن تغادر الأراضي السورية قريبًا، وستستمر في التواجد في مواقعها والسيطرة على حقول النفط وعلى جميع العائدات منه، لاستخدامها في مصالحها ومنها تسليح الأكراد نفسهم ودعم إسرائيل بالنفط، خصوصًا بعد الأزمات الأخيرة وتوقف الملاحة البحرية بسبب سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب ومنع أي سفينة تجارية من الوصول الى إسرائيل.
وبحسب مصادر، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بنقل صادرات النفط الى العراق، ومنها الى أي وجهة أخرى، ومن هذه الوجهات بطبيعة الحال يذهب جزء الى دولة الكيان الإسرائيلي. وتستخدم واشنطن العائد من النفط السوري لدعم وتسليح قوات سوريا الديمقراطية “قسد” لمواجهة تركيا عسكريًا بما يضمن المصالح الأمريكية.
وكانت وزارة النفط السورية قد أعلنت أنها بدأت بنقاش آلية الاستلام والإشراف على حقول وآبار النفط في شمال شرقي سوريا، بعد نحو أسبوع على اتفاق بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، حول دمج الأخيرة بمؤسسات الدولة السورية.
وبحسب ما قالت الوكالة السورية الرسمية للأنباء “سانا”، ناقش وزير النفط، غياث دياب، خلال اجتماع أجراه مع كوادر ‏الوزارة والمؤسسات والشركات التابعة لها، آلية الاستلام والإشراف على ‏الحقول والآبار في شمال شرقي سوريا.‏
وبحسب وزير النفط نفسه، سيتم تشكيل ‏لجان متخصصة للإشراف على استلام الحقول والآبار، وإعداد تقارير شاملة ‏حول جاهزية هذه الحقول والآبار وحالتها الفنية، لافتًا إلى أهمية متابعة المعدات ‏والتجهيزات بشكل كامل، لضمان سير العمل بكفاءة.‏
وسبق وأن أكد ترامب في تصريحات سابقة أن الولايات المتحدة “لا تسعى للتورط في الصراع السوري”، معتبرًا أن الأزمة هناك لا تتطلب تدخلًا أمريكيًا. أتى ذلك بعد زيارة قام بها مايك والتز مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي الى مقر القيادة المركزية الأمريكية في ولاية فلوريدا، التقى فيها مع كبار القادة العسكريين الأمريكيين واطلع على آخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى ما يبدو فإن الولايات المتحدة بعهد الإدارة الجديدة للرئيس ترامب وإن نفذت رغبتها في سحب قواتها من سوريا فإنها ستقوم بسحب جزء فقط، والإبقاء على جزء آخر يتولى مهام متعددة أهمها إدارة وحماية حقول النفط بالتنسيق مع الإدارة الذاتية الكردية.
وتجدر الإشارة هنا الى أن الأمريكيين، على الرغم من إعلانهم الرحيل عن سوريا، إلا أنهم ليسوا على عجلة من أمرهم لمغادرة مناطق النفط، تماماً كما حدث في العراق. حيث أن الأمريكيين أعادوا نشر قواتهم وسحبوا أجزاء وأعادوا أجزاء أخرى منها خلال كل هذه السنين الطويلة من مكوثهم، دون أن يغادروا العراق بشكل كلي، لأنهم مستفيدون من بقائهم في هذا البلد الغني جداً بالنفط.
أضف إلى ذلك بأن الإنتاج السوري من النفط يشكل أهمية لا غنى عنها بالنسبة للأمريكيين بالرغم من أنه لا يشكل في ذروته أكثر من 0.05% من الإنتاج العالمي، بطاقة لا تتعدى 400 ألف برميل يومياً، وهو إنتاج منخفض بالمقارنة مع العراق الذي ينتج يوميا قرابة 4.3 ملايين برميل..
ولكن لا ننسى بأن أمن الطاقة في المنطقة والسيطرة على منابعها وإمداداتها في المنطقة والعالم أحد أهم الأهداف الاستراتيجية الأميركية التي تضاف إلى حماية الشركات الأميركية والحفاظ على مصالحها وضمان أمن إسرائيل.
ورغم أن حقول النفط السورية لا توازي بإنتاجها مثيلاتها في المنطقة ولكنها تحظى باهتمام أميركي يضاف إلى اهتمامها بالسيطرة على حقول الغاز الطبيعي المكتشفة في السواحل السورية وفق المسوحات الجيولوجية الأميركية والتي قدرتها ب 3,455 مليار متر مكعب شرق المتوسط إضافة إلى ما يقارب 107 مليار برميل من النفط وفي سورية احتياطات مؤكدة تصل إلى 2.5 مليار برميل من النفط و10.1 تريليون قدم من الغاز وفق تقديرات عام 2013. وهذا ما يمنحها اهتمام أميركي باعتبار أن مكمن النفوذ والقوة بات يقدر بحجم وإمكانية التحكم بالمخزون الطاقوي ..
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم إنشاء مركز الطاقة الأميركي الإسرائيلي عام 2014 وجاء فيه أن التعاون بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في مجال الطاقة وتنمية الموارد الطبيعية الإسرائيلية يصب في مصلحة الاستراتيجية الأميركية..
ومن الجدير بالذكر، أن الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا وقعت في عام 2020، اتفاقًا مع الشركة الأمريكية “دلتا كريسنت” لاستغلال حقول النفط في رميلان لمدة 25 عامًا قابلة للتجديد، وشمل الاتفاق تطوير 1300 بئر نفطي وحقول غاز في المنطقة. فيما أدان النظام السوري السابق الاتفاق ووصفه بـ”السرقة”، بينما لم تعلق قسد المدعومة أمريكيا على الأمر.
واتهم النظام السابق في سوريا الولايات المتحدة بسرقة ما قيمته نحو 20 مليار دولار من النفط والغاز على مدار أكثر من 11 عاماً. وكشفت وزارة الخارجية السورية للنظام السابق عن قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات القوات الأمريكية على أراضيها، موضحة أنها تبلغ 25.9 مليار دولار، منها 19.8 مليار دولار حجم خسائر النفط والغاز المسروق.
في الأثناء، لم تتضح حتى الآن تفاصيل الاتفاق (التاريخي بين الإدارة الذاتية وسلطة الأمر الواقع) في الشأن الاقتصادي، إلا أن أحد بنود الاتفاق تضمن دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز. وما هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية من التطورات الأخيرة بعد أن كانت تسيطر على جميع حقول النفط في مناطق سيطرة الأكراد.
مع العلم أن ترامب صرّح سابقًا بأن القوات الأمريكية ستبقى “حيث يوجد النفط”. فيما قامت الشركات العسكرية الأمريكية الخاصة بزيادة عديد أفرادها، إذ تجاوز عدد مرتزقة الشركات العسكرية الخاصة في سوريا 3500 شخص، ما بين العامين 2015 و 2019.
في المحصلة يبدو أن المشروع الأمريكي الإسرائيلي في سوريا يشكل خطراً على وحدتها وسلامة أراضيها، وعودة ترامب الى البيت الأبيض لن تكون في صالح السوريين، خصوصاً في ضوء العلاقة العضوية بين الإدارة السورية الجديدة والحكومة التركية..
ما يعني أن التعويل على الخارج يمنحهم فرصة الاستيلاء على الأراضي السورية وتقاسم المصالح على حساب المصلحة السورية ..
*كاتبة سورية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

الكيان الى زوال!

الياس فاخوري* اسرائيل الى زوال – هل تحاول اسرائيل حياكة أسطورة الموساد والأمن الاسرائيلي لتكتب …