اسيا العتروس*
في الوقت الذي امتنعت فيه الادارة الامريكية الوفد الرسمي الفلسطيني عن منح التاشيرة للوفد الفلسطيني الرسمي في خرق مفضوح لاتفاقية دولة المقر لمنظمة الامم المتحدة فانها تسمح لرئيس وزراء كيان الاحتلال مجرم الحربالمطلوب لدى الجنائية الدولية من اعتلاء منبر الامم المتحدة و تدنيسه .. و ربما جاز القول أن قاتل الاطفال في غزة قدم للمجتمع الدولي و للعدالة الدولية وثيقة ادانة اضافية على جرائم الابادة التي ارتكبها و يرتكبها بحقهم وهو يستعرض في استعلاء ووقاحة خرائطه ويفاخر باغتيال مسؤولين سياسيين و عسكريين من اليمن و سوريا و لبنان و فلسطين و يتباهى بكل المجازر التي اقترفها .. والحقيقة أن ناتنياهو منح الجنائية الدولية مزيد الاعترافات بسجله الدموي الطويل في المنطقة بل ان في ما صدر عنه من تصريحات يفترض ان يكون امام الجنائية الدولية لمحاكمته فالمكان الطبيعي لناتنياهو و عصابته يجب ان يكون خلف القضبان و ليس على منبر الامم المتحدة وهو يقول “سحقنا الحوثيين والجزء الأكبر من آلة حماس الإرهابية وقمنا بشل حزب الله، ودمرنا برامج إيران النووية والباليستية، وسنقضي على المليشيات في العراق”.
صحيح أن ناتنياهو كان يتحدث أمام قاعة شبه خالية بعد انسحاب أغلب الوفود من القاعة و رفضها مواكبة خطاب الحقد والزيف والرقص على جماجم الضحايا ..و لعل أهم ما أفرزه مهرجان الخطابات الرسمية السنوية في الامم المتحدة أنها رفعت الغطاء المثقوب الذي يتستر به ناتنياهو اذ و لولا الدعم الامريكي الامحدود و الحصانة التي يحظى بها من حليفه ناتنياهو لما أمكنه الوصول الى نيويورك حيث تعقد الدورة الثمانين للجمعية العامة للامم المتحدة ..يدرك ناتنياهو جيدا أن هناك تحولات متسارعة في العالم فرضتها صحوة الشعوب و تحركاتها الاحتجاجية في العواصم العالمية لوضع حد للرواية الاسرائيلية المزعومة وانهاء الابتزازالذي ارتبط بورقة المحرقة اليهودية التي يراد لها ان تظل بمثابة بقرة حلوب ومنبعا لا ينضب لا لتمويل كيان الاحتلال فحسب ولكن أيضا لطمس الحقائق باغماض الاعين و قطع الالسن و الامتناع عن أي انتقاد لهذا الكيان .
ad
مهمة ناتنياهو هذه المرة لم تكن هينة عليه و على حليفه الامريكي مع تواتر الاعترافات من جانب الدول الاوروبية بالدولة الفلسطينية وارتفاع أصوات قادة العالم أكثروأكثر للمطالبة بانهاء الابادة في غزة ووضع حد للمجازر الدامية في حق الفلسطينيين .. الحديث عن عزلة الكيان ليست مبالغة و لكنها عزلة لا تزال تسمح له بالتنفس على أكداش الشهداء والضحايا, خطابه عن الفساد والامن الوجودي لاسرائيل وتبجحه بأنه الكيان الديموقراطية الوحيد في المنطقة أفلس وسقط نهائيا و لكن ناتنياهو يحاول التمسك به كتمسك الغريق بالقشةو هوالملاحق في قضايا فساد فسي الداخل و قضايا تتعلق بجرائم حرب في الخارج ..
لسنا بصدد استباق الاحداث و لكن اللقاء الذي عقده ترامي على هامش اشغال الجمعية العامة للامم المتحدة مع عدد من قادة المنطقة لا يهدف الى انهاء الابادة و انسحاب جيش الاحتلال من غزة بقدرما يهدف الى انقاذ ناتنياهو من نفسه ومن مخططاته الارهابية ..وحديث ترامب اليوم عن محادثات مثمرة حول غزة واصراره على أن اسرائيل وحماس على دراية بهذا يعكس نفسية الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يعاني من ثنائية الانكارللحقائق وانكار القانون الدولي و مؤسساته و استحضار بدلا من ذلك خيارات متفردة تقوم على مثلث سياسة المكيالين والغطرسة و قانون القوة بدل قوة القانون و هو يضع حماس في قائمة الارهاب و لكن يقبل بها كمفاوض لانهاء الابادة في غزة و لا يتوانى في السماح لاسرائيل باغتيال قياداتها في العاصمة القطرية متجاهلا بذلك كل القوانين والاعراف التي تجرم قتل و تصفية المفاوضين والوسطاء ورسل السلام , و من هنا ايضا وجب الانتباه الى ما يروج له من بعض وسائل الاعلام العبرية بشأن خطة جديدة وضعها ترامب من واحد وعشرين نقطة لعل أهمها وأخطرها أن يتم تعيين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على رأس سلطة قادمة في غزة ليكون بذلك توني بلير غزة في دور بريمرالعراق بما يعني مجددا فرض وصاية بريطانية غربية جديدة و انكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير رغم اعتراف أغلب دول العالم بالدولة الفلسطينية …
بعد تدمير العراق وتفجيره و تحويله الى طوائف واعادة احتلاله و بعد فظاعات ابو غريب و مقتل نحو مليون عراقي اعتذر بليرعن دور بلاده في الحرب الحرب على العراق و جعله مرتبطا بخطا استخباراتي .فماذا سيقول بلير سليل الكيان الذي شرع لوعد بلفور و ما ترتب عنه من ظلم تاريخي في حق الشعب الفلسطيني بعد ان بات المستشار الرسمي لدى عديد الحكومات والانظمة العربية بعد انتهاء مهمته في غزة عندما يتم تسويتها نهائيا بالارض ثم يبدأ موسم توزيع الصفقات لاقامة منتجع سياحي أمريكي اسرائيلي لمتعة ترامب وناتنياهو …هناك توجه واضح من الرئيس الامريكي لانهاء وجود المؤسسات الدولية التي قام عليها النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية و لكن ما ليس واضح ما هو البديل الذي سيطرحه ترامب ؟التجربة علمتنا أن الرئيس الامريكي يحتقرو يكره المنظمات الدولية سياسية و ديبلوماسية و قانونية و صحية وحتى الثقافية وغيرها التي تبقى رغم حيفها وضعفها ملجأ المستضعفين لمواجهة وهو يعتبر أيضا أنها تقف في تحد له ولاوهامه العبثية في اعادة صياغة العالم ..
ad
اسقاط ميثاق الامم المتحدة بما تضمنه من قيم العدالة انسانية و ركائزالعدالة الدولية وحق الشعوب الواقعة تحت الاجتلال في النضال والمقاومة واستبداله باتفاق جديد ينكر و يلغي هذا الحق و يجعل من المقاومة و النضال المسلح ضد المحتل في مرتبة الارهاب هدف ناتنياهو الذي يسعى لتحقيقه بايدي و جهود ترامب و هي مسألة خطيرة ولكنها ستكون شبه مستحيلة بالنظر الى ما تحتاجه هكذا خطوة من خيارات مجنونة تستوجب انذاك استئصال كل شعوب الارض واستبدالها باخرى لا مكان لثقافة و فكر المقاومة في قاموسها و حتى هذا الهدف أمر يستحيل تحقيقه حتى لو اجتمعت كل قوى الارض لان الانسان متمرد بطبعه على الظلم و القهر و لان طبيعة الانسان تأبى العبودية والخنوع والاستسلام …فهل يتقبل القاموس “الترامبي” هذه الحقائق الازلية …
*كاتبة وصحفية تونسية
اليمن الحر الأخباري لسان حال حزب اليمن الحر ورابطه ابناء اليمن الحر