بقلم/نجاة علي
الامتنان.. ثقافة نتجاهلها أحياناً وأحياناً أخرى ننساها وأحياناً نتناساها.. وأحياناً قليلة نمارسها.. ولكن لماذا؟ هل بسبب إهمالنا أم بسبب جهلنا بقيمتها؟
من جهتي أرى أن الإهمال والجهل بقيمة الامتنان وراء تواري هذه السمة.. لكن كيف نعيد الحياة لهذه الثقافة التي تقبع في غرفة الإنعاش منذ زمن بعيد؟ قبل كل شيء علينا أولاً أن نعرف ما الامتنان؛ الامتنان في اللغة: اِمْتِنانٌ مصدر امْتَنَّ وَجَّهَ لَه رِسالَةَ شُكْرٍ وَفَضْلٍ وَعِرْفانٍ بِالجَميلِ. ومن منظور علمي: الامتنان عاطفة اجتماعية تشير لإدراكنا الإيجابي للأشياء التي فعلها الآخرون لنا.
وعلينا إدراك أن ثقافة الامتنان سمة حثنا وأرشدنا إليها ديننا الحنيف؛ فقد حثنا القرآن الكريم على التحلي بها في كثير من الآيات، حيث جاءت فاتحة كتاب الله بـ «الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وبدأت سورة الأنعام بـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ»، والكهف بـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ»، وفاطر بـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»، كما قال تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ..».
الامتنان وصفة ربانية لأدوائنا الدنيوية، وسبب لجلب الزيادة والبركة والخير، فلماذا لا تأخذ حيزاً من اهتمامنا لتكون أسلوب حياتنا؟ ولماذا لا نعطي أنفسنا فرصة للتدرب على ممارستها حتى تكون سمة من سماتنا؟ لو فعلنا سندرك قيمتها ومفعولها السحري في راحة النفس والسلام مع الغير.. وستجعلنا نمعن النظر في أنفسنا وحالنا وما نتمتع به من الصحة والسلامة، وكم نملك من الأصدقاء والأحبة وما رصيدنا في قلوب من حولنا..
علينا أن نشعر بالامتنان لأنفسنا؛ لعقولنا إذا هي استنبطت فكرة جديدة، ونمتن لعيوننا عندما تقع على صورة جميلة ترتبط بها الحواس الأخرى… حتى الخيال وأحلام اليقظة نشعر بالامتنان لها عندما تسحبنا من الضائقات وتختلي بنا في مكان هادئ، وتبدأ نسج ما يرُيح البال. كما علينا الامتنان لغيرنا حتى ولو قدم لنا كلمة طيبة.
نحتاج دائماً للشعور بالامتنان؛ ولكي تكتسب هذا الشعور عليك أن تحدد وقتاً للامتنان، تستغرق هذا الوقت في التأمل والنظر لقيمة حياتك، وتدرك القيمة التي تضيفها لك الحياة، وما تضيفه أنت لها، وعليك أن تفتح عقلك وقلبك على مصراعيهما لشتى الأمور.
حين يَكونُ الامتنان ثقافةً وسلوكاً اعتيادياً تمارسه كلَّ يوم، فإنك لن تشعر بسواه مهما واجهتَ من منغصات. فستكون أكثر سعادةً من ذلك الذي لا يشعر به، وسيبدو تأثير الامتنان جلياً بشكل إيجابي عليك وعلى نفسيتك وبدنك، وكذلك على مستوى تفكيرك.. امتن تكون سعيداً
نقلا عن العرب القطرية
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …