بليغ الحطابي
الدولة هي المسؤول الأول عن توفير الخدمات العامة الأساسية للمواطن وتنظيمها ووتقنين إجراءاتها ، سواء عن طريق المؤسسات العامة أو عن طريق الشراكة مع المؤسسات والشركات الخاصة كانت مجموعات أو أفرادا.
وهذا الحق الذي يقره الدستور والقوانين في البلد وعليه لا يجور أن تتخلى الدولة عن مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية والإدارية والاقتصادية؛ لأن هذه التخلي يعني انفراط عقد الشراكة بينها وبين مواطنيها، وهو مايعني فقدان العدالة الاجتماعية وسيادة الظلم والحيف الاجتماعي،وإذا سادت هذه الوضعية حينها يستوجب استبدال السلطة أو القيادة في هذه المؤسسات بأخرى قادرة على إتيان هذه الخدمة،والالتزام في منهج توفيرها بضوابط وإجراءات سليمة ومشروعة.
وفي الحالة التي تفشت مؤخراً عن عبث مالكي شبكات الواي فاي الذين اتسع نشاطهم دون ضابط أو مسوغ قانوني من جهة الاختصاص المهنية والمعنية بتنظيم الاتصالات ، يبدوا جلياً أن من حق الدولة أو مؤسساتها بل ومن أوجب واجباتهت اتخاذ القرارات المنسجمة مع روح الدستور والقانون ، وبما تجدها مناسبة وصائبة لخدمة المواطن باعتباره هو المحرك الرئيس لكل سياسة في شؤون الخدمات..وتنظيم وترتيب علاقات المجتمع ببعضه البعض وتوثيق وتعزيز الشراكة فيما بينه ومؤسسات الدولة المختلفة أو من ينوب عنها.
وذلك يقودنا إلى القول : ان أية قرارات أو إجراءات تصحيحية تنقلنا من الوضع العبثي لشبكات الواي فاي إلى عملية تنظيمية تلتزم بالإجراءات الضامنة والحامية لمصلحة المواطن وأمنه المعلوماتي ، فإنها إجراءات لن تكون عبثية بأي حال من الأحوال ، كما أنها ليست نزوة أو “حالة شيطانية” لتغذية مصلحة ما، بقدر ماهي ناتجة عن دراسة عميقة لمآلاتها وحيثياتها وفوائدها التي تصب في الأول والاخير لخدمة الوطن والمواطن .
نصل من ذلك إلى حقيقة أن الجدل واللغط الدائر حول تصحيح الاختلال القائم الذي يتسبب به تجار شبكات “الواي فاي” وردم الفجوة بين تعرفة الانترنت أو ماتسمى إعادة هيكلة الباقات،وبالذات تلك التي لها استخدامات تجارية ، أنه جدل عبثي لايستقيم بأي حال من الأحوال مع المنطق والقانون خاصة وأن وضع تجارها،او مايسمون الوسطاء،غير قانوني في الأساس مايستدعي بالدرجة الأولى والأهمية إلى تقنين الخدمة بصوابط وإجراءات لايمكن أن تلتزم بها سوى الشركة أو المزود لخدمات الاتصالات المختلفة.
كما أن محاولة ماتسمى بنقابة تجار شبكات الواي فاي( غير الشرعية) ربما بتسييس المسألة ، هو تهكم غير سوي يفتح الباب لتساؤلات “شيطانية” عدة ، خاصة وأن تحركها يأتي في ظل وضع عدواني كالذي تعيشه البلاد منذ خمسة أعوام ،وحالة عداء شامل من تحالفه الذي بغى وتجبّر في تدميره وإجهازه على كل شيء يتصل بالحياة في بلدنا.. الأمر الذي يستدعي عدم الانجرار وراء حملات إعلامية فاسدة يتبناها العدوان ووسائله المختلفة ، وأن تكون أداة خبيثة تدميرية بيده للتأثير على واحد من أهم القطاعات الحيوية التي تصارع من أجل البقاء ، وأن نتجه جميعاً نحو تصويب الأخطاء ومعالجة الاختلالات ، لنكون أداة وطنية داعمة وساندة لخطوات التصحيح والتصويب الاقتصادي والمالي،الذي من شانه ان ينعكس على تجويد الاداء وتحسين الخدمة وتطويرها، ومحاربة الظواهر الفاسدة ومفسديها،ومنع الإهدار للمال العام ومكافحة ظواهره.
قد يجد البعض في هذا الرأي عدم معرفة وإدراك بمايتم لكنه على الأقل استند لشيء ظاهري وتعامل مع ظاهرة سلبية قد تكون شماعة لضرب مزيد من وحدة الصف والجبهة الداخلية ، التي قد تغيب عند البعض حين تحضر المصالح والأرباح المادية والاطماع.
ولذلك أؤكد على وجوبية وضرورة توقف الحملات الإعلامية العبثية الفوضوية ، وأن يتركز بناء توجهاتنا وفق المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى ومن ثم مصلحة وظروف المواطن.
وارى أنه حين تتجلى المواقف الوطنية والفهم الواعي للمحيط تكون عظمة الإنجاز والنصر والاستثمار الحقيقي بعيدا عن الاتهامات ومحاولة الاصطياد في المياة العكر التي لن تجدي نفعا في حال وجدت مواقف متصلبة،وهو مالانرجوه،.
خلاصة أجد أن أي توجه يصب في الصالح العام للبلد وللمواطن على حد سواء ، والتركيز على جودة ونوعية أداء الخدمة ، وفي النهاية المواطن لايهمها ذلك الجدل والصراع أياً كان شكله أو أطرافه بقدر ما يهمه إيجاد خدمة اتصالية وتواصلية مجوّدة وسريعة ، بعيداً عن تهديدات الاختراق لمعلوماته وبياناته الشخصية عبر شبكات الواي فاي التي تثبت التقارير العالمية العلمية عن قدرة شبكات الواي فاي العشوائية في الوصول لأجهزة مستخدميها والتطفل على بياناتهم وخصوصية معلوماتهم وهو ما لا يجب أن يقبل به الجميع.