الأربعاء , ديسمبر 4 2024
الرئيسية / اراء / أم كريم .. إيثارها ، تضحيتها وعطائها اللامحدود!

أم كريم .. إيثارها ، تضحيتها وعطائها اللامحدود!

أم كريم .. إيثارها ، تضحيتها وعطائها اللامحدود!
محمد الحرورة*
حبابة تغرق الان بسد الرونة الذي أنفجر …المدينة الآن تستنجد لإنقاذ أهالي البيوت القريبة من السيل .. هكذا كان البلاغ من عضو شبكة الحماية المتميزة الأستاذة رضية شاطر ساعة وقوع الكارثة المحددة بالثالثة من عصر يوم الأثنين الموافق ‏3‏/08‏/2020 ..
لقد أنفجر السد بخراب خمس رصات علوية من طبقات بناء السد فقط ولو كان الخراب شمل كامل حاجز السد ووصل إلى قعر السد لكان بالفعل سبب في إغراق كافة المناطق المنخفضة في مدينة حبابة وبالمثل المناطق الواقعة في مجرى السيل العظيم .. هذا ما نقلتة لنا الأستاذة رضية على مجموعة التدريب وبناء القدرات لشبكات الحماية المجتمعية التابعة للمركز المجتمعي للنازحين المكونة من كافة أعضاء شبكات الحماية المجتمعية الأربعين والمتممة بعشرة من موظفي المركز المجتمعي للنازحين ..
أجل لقد أذيع خبر إنفجار السد في القنوات الفضائية المحلية كما تم نشر صور لقطاته على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإتصال الجماهيرية كما حذر الدفاع المدني بمحافظة عمران من الاقتراب أو التواجد في مجاري تدفق السيول بعد انهيار هذا السد.
تضرع إلى الله الساكنين في مناطق مجرى السيل أن ينجيهم الله من هذا الكرب العظيم و دعا الأخرين لهم بأن يحفظهم الله ويحميهم وأطفالهم من كارثة أضرار السيول وبالذات حالما توحد مايعرف بالسيل الحبابي مع السيل القادم من منطقة المأخذ ..
في ظروف إجازة عيد الأضحى المبارك كان معظم موظفي مشروع الحماية قد عادوا إلى مناطقهم الأصلية ولذا فقد علقنا الأمال بعد الله على إدارة الكوارث بالهلال للتأهب والإستعداد لأعمال الإغاثة والأنقاذ ..
بفضل الدعوة للتعاون والتكافل الأجتماعي هرع الرجال الشرفاء والأوفياء في المناطق المتضررة بإجلاء النساء والأطفال من البيوت الواقعة في طريق السيل ، ثم قامت إدارة المركز المجتمعي للنازحين وبعض الفرق الميدانية بعمل جهود كبيرة نالت شكر ورضى الكثيرين ..
مر الفيضان سريعاً ولم تسجل أي اضرار بشرية ولله الحمد والمنة .. فقبل وقوعه تم إجلاء الساكنيني ونقلهم على سيارت ومراكبات مختلفة لأهالي هذه المناطق .. توالت بعدئذٍ الزيارات لمواقع الأحداث وعلى رأسها زيارة الدكتور فيصل جعمان محافظ محافظة عمران ومعه الشيخ حمير الصعر -رئيس المجلس التنسيقي الأعلى للشؤون الإنسانية بالمحافظة .. تفقد الزائرون أحوال المواطنين في مدينة حبابة ليلاً وكانت السيول مازالت تتدفق ، وحينما تجلى النهار أيضاً نفذ مشائخ وعقال واهالى المدينة عملية إغاثة وإنقاذ المتضررين التي دعا إليها المحافظ والذي وجه أيضاً بحصر جميع الأضرار المادية والمعنوية ..
أرتسمت البسمة على أوجه ساكني تلك المناطق بعد تخفيف اضرار هذة الكارثة وتدخل فريقين من فرق الهلال الأحمر اليمني فرع عمران أحدهما من المركز الطبي والأخر من المركز المجتمعي للنازحين .. حيث تم حصر المتضررين وإغاثتهم ورصدت أضرار البيوت والممتلكات والمزارع .. كل هذا الجهد كان إستجابةَ للنداء العاجل من أ. رضية التي ضلت تتدفق أخبارها العاجلة مع تدفق مياة السد ، حيث كانت تصل معلوماتها حول هذا الحادث إلى الجميع أولاً بأول وساعةً بساعة فمن لحظة إنفجار السد ومروراً بمرور السيل الحبابي القادم من الرونة عبر حبابة وإمتداده بعدئذٍ إلى مناطق شبام وحجر سعيد والرقه ثم ضيان ثم أخيراً ولوجه إلى عمران بعد إختلاطه بسيل المأخذ ووصولهما معاً إلى مدينة عمران قبيل صلاة المغرب ..
تفاعل جميع أعضاء شبكات الحماية وبالذات 12 عضواً منهم وهم الذين مر السيل من مناطق مربعات عملهم المختلفة وخصوصاً بعد أختراقة لأربع مديريات هي : ثلاء ، عيال سريح ، عمران، جبل يزيد .
لقد جرف السيل كل شيء أمامه وأقتلعت منه حتى بعض أشجار الطلح الضاربة جذورها في الأعماق .. ولقد هرولت فرق الإنقاذ والطوارئ بالمركز المجتمعي والمجلس الأعلى لشؤون الانسانيه والسلطات المحلية و لم ينم منهم أحد وبذلو جهوداً جبارة لإنقاذ الناس من جراء تدفق السيول التي داهمت مدينه عمران مساءاً .. الجنود المجهولة أمتدت إياديها بالخير في جنح الضلام ..
ليلاً وصل هذا السيل الجارف قلب مدينة عمران واستوعبته السائلة الجديدة التى تم إصلاحها حديثا بعد أن عبر منطقة شرارة والجامعة ومر مرور الكرام بمنطقة المخابى و الجبوبة التي يتمركز فيها أو يستأجر فيها أغلب النازحين ومن بينهم عضو شبكة الحماية المتميز أ. محمد حمدان المرشدي الذي بشرنا على المجموعة بعدم حدوث أى أضرار ٍ بشرية أو نفسية أو مادية نتيجة لتدفق هذه السيول العارمة .
في اليوم الثالث من وقوع الحادثة وعبر مجموعة التدريب وبناء القدرات لأعضاء شبكات الحماية المجتمعية جاءت البشرى إلينا من الدكتور محمد طامش – عضو شبكة الحماية المتميز في مدينة ثلاء – ومن زميله أ. صلاح المعمري بإصلاح طريق الرونة التي تضررت؛ بسبب تهدم السد .. وهذا ما أكد عليه العضو الرابع في المديرية أ. يحيى حميضة – العضو المتميز والذي تم إختيارة من فئة النازحين عند تكوين شبكة الحماية المجتمعية لمديرية ثلاء.
في الخامس من أغسطس 2020 غابت عن المشاهد الأخيرة للأحداث المتعاقبة حول إنفجار سد الرونة عضو شبكة الحماية في منطقة حبابة بمديرية ثلاء – الأستاذة المتميزة رضية شاطر ؛ ذلك لأن المخاض ألجأها أن تترك الأخبار العامة المتعلقتة بمجتمعها المحلي وبدأت تهتم بما هو أهم ولا شك أنها صحتها الأغلى لها ولنا جميعاً .. لقد نُقلت في اليوم التالي إلى العاصمة صنعاء حيث أسعفت إلى أحد مستشفياتها من أجل إجراء عملية الولادة وفي تمام الساعة الخامسة والنصف من مساء اليوم التالي خرجت أ. رضية بالصحة والسلامة من المستشفى بعد أن رزقها الله بمولودٍ جديد أسمته كريم تيمناً بالجود والكرم أبرز صفات متطوعينا الأجلاء ( الإيثار – التضحية – العطاء )
لقد سعدت أ. رضية وعائلتها بقدوم فرداً جديداً إليها، حيث كانت تنتظره بفرح وشوق كبير .. أجل أنه أميرها الجديد، وحبيبها الصغير الذي سيزين عقدها العائلي السعيد ويضفي الأنوار ويبث السعادة بين أفراد أسرتها لذا ادعوا الله أن يقر به عين وآلدية وأن يجعله من الذرية الصالحة … ربي إنّه في المهد صبياً فأنبته نباتاً حسناً واجعله عبداً تقياً رضياً واجعل له بين الخلق شأناً علياً.
*مسؤول شبكات الحماية المجتمعية المركز المجتمعي للنازحين الهلال الأحمر اليمني فرع عمران

عن اليمن الحر

شاهد أيضاً

لعنة البترودولار!

د.طارق ليساوي* أن الدرس الأهم الذي ينبغي ان نستخلصه من ليبيا و سوريا و العراق …