د. عبدالله الأشعل*
الولايات المتحدة هى الراعى الرسمى لإسرائيل والرئيس بايدن صور هذه الحقيقة خلال زيارته الأولى لإسرائيل فى أواخر أكتوبر 2023 كما كان لتصريح بلنكن وزير الخارجية نفس الأثر عندما قال أنه يزور إسرائيل بصفته يهوديا وليس بصفته وزيرا لخارجية أمريكا. والكل يعلم أن إسرائيل صهيونية وليست يهودية والصهيونية معناها الاستيلاء على كل فلسطين وابادة أهلها أو تهجيرهم والتستر يالشريعة اليهودية والتخبط بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كمشروع سياسى ولذلك قال بايدن أن الشخص لايشترط أن يكون يهودياً حتى يكون صهيونياً.
وبالفعل صدر كتاب فى الكويت في سلسلة عالم المعرفة فى عام 1978 عنوانه الصهيونية غير اليهودية ويدخل فى هذا القطاع كافة الصهاينة من جميع الشرائع .
والغريب أن العالم العربى لم يفهم الصهيونية على حقيقتها ولكن اكتفى مثقفوها بالتمييز بين الصهيونية وبين اليهودية ولكن عندما سألت كبير الحاخامات اليهود فى مؤتمر فى مدريد عام 2000 عن التمييز بين اليهودية والصهيونية أكد لى أن اليهودية فى خدمة الصهيونية وأن مساندة إسرائيل التزام توراتى ودينى. ومن المعروف أن القرآن الكريم أخبرنا أن أهل الكتاب جميعا زوروا كتبهم المقدسة وتقولوا على الله بغير الحق. وفى سورة البقرة آيات كثيرة تتحدث عن هذه الظاهرة . فلصوص الصهيونية زوروا التوراه من باب أولى حتى تسند الدولة المافياوية وهى إسرائيل. ومعنى ذلك أن بريطانيا زرعت إسرائيل وتعهدتها حتى قامت عام 1948 ثم انتقلت الرعاية إلى الولايات المتحدة فقبلت الاستبداد العربى ورعته وحاربت الديمقراطية العربية وتسببت فى تخلف العالم العربى وهجرة العقول العربية بعد أن ضاقت بلادهم الدكتاتورية بهم ثم خلقت جسورا مباشرة بينها وبين كل العواصم العربية حتى تمنع العمل العربى المشترك المستقل وأصبحت واشنطن توجه العالم العربى بمشورة إسرائيل.
ولذلك لابد أن تفهم الشعوب حقيقة المأساة وأن تغييب عقلها بتعليمات أمريكية حتى لا تفكر فى أحوالها وابتدعت ظاهرة المعونة الأمريكية لمصر بالذات رغم أن فى العالم العربى دولا أحوج للمعونة بسبب أهمية مصر لإسرائيل اعتبرت أن المعونة مقابل مراعاة مصر لصفقة السلام مع إسرائيل وهى صفقة استسلام مصرية لإسرائيل. معنى ذلك أن قطع المعونة يعنى انتهاك مصر لاتفاقية السلام وأكثر من ذلك عدم حرص مصر على اتفاقية السلام التى أمنت إسرائيل من جانب مصر ومصر تنازلت كثيراً عن أمنها القومى لإسرائيل في المعاهدة. والولايات المتحدة حرصت على تأمين إسرائيل من مصر وقبل المعاهدة كان هناك شك كبير فى إسرائيل من النوايا المصرية ولذلك وفرت إسرائيل معظم ميزانياتها العسكرية المخصصة لتأمين الجبهة المصرية وتكفلت المعاهدة والتقارب المصرى الإسرائيلى الأمريكى بتوفير هذه الميزانية.
ويضيق المقام فى رصد المضار والمخاطر الإستراتيجية لأمريكا وإسرائيل التى أصابت مصر والمنطقة العربية أبسطها رعاية الاستبداد العربى مقابل التستر على سرقات وعورات الحكام العرب ونهب الخبرات البشرية والتاريخ والاثار وافساد الحياة السياسية فى العالم العربى وتقسيم المجتمعات العربية بين موالاة لامريكا وإسرائيل مقابل الموالاة للاوطان وتجهيل الشعوب العربية وتغييب عقولهم.
والحل هو اعداد برنامج الاستقلال عن الولايات المتحدة وإسرائيل وبلورة المصالح العربية العليا وتتحصن كل الدول العربية حول هذه المصالح والاستغناء عن المعونة الأمريكية وتجميد معاهدات السلام والاستعداد لمواجهة الغطرسة الأمريكية ومطالبة الجنائية الدولية بمحاكمة ترامب وبايدن وألمانيا وبريطانيا بسبب دورهم فى إفلات إسرائيل من العقاب ومشاركتها فى السلوك الهمجى واشاعة الفوضى فى العلاقات الدولية.
هذا البرنامج يساهم مع النخبة الحاكمة فى أمريكا وإسرائيل فى تفكيك إسرائيل وإصلاح العالم العربى وحجز المكان اللائق به للنظام الدولى الجديد الذى سيتحرر من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وسوف يسجل التاريخ أن إسرائيل هى السبب فى انتهاء الظاهرة الإسرائيلية بعد أن أعطيت فرصة قرنين لكى تهذب مشروعها المتوحش وتجعله فى مستوى المبررات التى ساقها الغرب بقبول إسرائيل فى المنطقة وهى قطعاً غريبة عنها وعن مجتمعاتها وكان على إسرائيل أن تقدر الكرم العربى الذى رحب بها ولو كرها ولكن إسرائيل فضلت أن تفرض نفسها بالقوة وأن تنفرد بفلسطين دون أهلها. كما سوف يشهد التاريخ أن الولايات المتحدة تدفع لتدهورها إلى مرتبة الدول العادية ثمن جرائمها فى ابادة سكان البلاد الأصليين فى أمريكا الشمالية ومشاركتها فى ابادة سكان غزة كما سوف تدفع الولايات المتحدة ثمن اهدارها للقانون الدولى واشاعة الفوضى والافلات من العقاب كما سيظل الكونجرس الأمريكى بالقانون الذى أصدره يوم 29 يناير 2025 بمعاقبة قضاه الجنائية الدولية على تحديهم لإسرائيل وأمريكا وأصدار مذكرة بالاجماع لمحاكمة نتانياهو ووزير دفاعه المقال. وهذه مرأة لزيف الديمقراطية الأمريكية ويتبع تردى وتراجع القوة الأمريكية تفكك الولايات المتحدة خاصة أن ترامب جاء خصيصاً لكى يقضى على إسرائيل والولايات المتحدة فكان كالدابة التى قتلت صاحبها وظهور ترامب على قمة السلطة فى الولايات المتحدة يظهر أزمة القيادة فى المجتمع الغربى عموما ويلفت تظر المصلحين إلى اصلاح نظمهم الديمقراطية حتى أن الولايات المتاحدة سوف تفقد الاحترام والمكانة لدى القارة الأوروبية. وعلى النخب العربية الاستعداد للحوار مع النخب الأوروبية لاقامة المستقبل الذى يرتضيه الطرفان المتحرر من عقد الماضى بما فى ذلك عقدة الهولوكوست والتآمر بين هتلر وبين إسرائيل وكبار الصهاينة الالمان وخديعة العالم كله بما يسمى بالتعويضات الالمانية لأنه لايعقل ان تدفع حكومة تعويضات عن أفعالها ضد مواطنيها لحكومة أخرى ليست أهلا لتلقى هذه التعويضات. فعلى المجتمع الالمانى أن يراجع تاريخه فى ضوء هذه الحقائق.
*كاتب ودبلوماسي مصري
